باب التستر ولا يرى الإنسان عريانا
بطاقات دعوية
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينقل معهم الحجارة إلى الكعبة وعليه إزاره فقال له العباس عمه يا ابن أخي لو حللت إزارك فجعلته على منكبك دون الحجارة قال فحله فجعله على منكبه فسقط مغشيا عليه قال فما رؤي بعد ذلك اليوم عريانا. (م 1/ 184)
أحاطَ اللهُ تعالى نبيَّه بالرِّعايةِ مُنذُ صِغرِه وقبْلَ أنْ يبعَثه بالرِّسالِة، وصانَه عن كلِّ عَيبٍ ونقِيصةٍ، ومِن مَظاهرِ هذه الرِّعايةِ والعنايةِ ما في هذا الحديثِ، حيثُ يَروي جابرُ بنُ عبدِ الله رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَنقُلُ الحِجارةَ لِبناءِ الكعبةِ مع قَومِه لَمَّا أرادَتْ قُرَيشٌ إعادةَ بنائِها، وكان ذلك قبْلَ مَبعثِه بمُدَّةٍ، وقيل: كان يَومَئذٍ ابنَ خمسةَ عشَرَ عامًا، وكان أثناءَ حملِه لِلحِجارةِ يَلبَسُ إزارَه وهو ثَوبٌ يُتَّخَذُ لسَترِ الجزءِ السُّفليِّ مِن الجسَدِ، فقال له عمُّه العبَّاسُ: لو فككْتَ الإزارَ ووضَعْتَه تحتَ الحجارةِ على كَتفِك فتَجعَلَه حائلًا بيْن البشَرةِ وبيْنَ الحجارةِ، فيَكونَ أقَلَّ وجعًا وتعبًا عندَ حملِ الأحجارِ، والمَنكِبُ: مُجتَمَعُ أوَّلِ الذِّراعِ مع الكَتِفِ، ففعَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك، فسَقَطَ مغشيًّا عليه؛ لِانكشافِ عَورتِه؛ لأنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كان مجبولًا على أحسَنِ الأخلاقِ مِنَ الحَياءِ الكاملِ، وكان سُقوطُه أستَرَ له، وهذا مِن قَبيلِ عِنايتِه تعالى بِنبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وتقويمِه على أحسَنِ الأخلاقِ، فمُنذُ ذلك الحَينِ ما شُوِهدَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عُريانًا كاشفًا عن عَورتِه.وقيل: بلْ كان سُقوطُه لأمرٍ شاهَدَه وراءَه، أو لنِداءٍ سَمِعه عن التَّعرِّي؛ ففي الصَّحيحَينِ: «فخَرَّ إلى الأرضِ، وطَمَحَتْ عَيْناهُ إلى السَّماءِ، ثمَّ أفاقَ، فقال: «إزاري، إزاري»، فشَدَّ عليه إزارَه».