‌‌باب التشهد

‌‌باب التشهد

حدثنا نصر بن علي، حدثني أبي، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، سمعت مجاهدا، يحدث، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد: " التحيات لله الصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته - قال: قال ابن عمر: زدت فيها: وبركاته - السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله - قال ابن عمر: زدت فيها: وحده لا شريك له - وأشهد أن محمدا عبده ورسوله "

الصلاة عماد الدين، وقد علمنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كيفيتها وما يقال فيها من أدعية، وكيف ومتى تقال، ومن ذلك: التشهد بعد الركعتين، أو التشهد الأخير من كل صلاة

وفي هذا الحديث يخبر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنهم كانوا يقولون في صلاتهم عند التشهد: السلام على الله، كما صرحت بذلك رواية أخرى في الصحيحين أيضا، ثم يقولون: السلام على جبريل وميكائيل، والسلام على فلان وفلان، فيذكرون بعض أسماء الملائكة، فلما سمعهم النبي صلى الله عليه وسلم التفت إليهم، وقال لهم: إن الله هو السلام، بمعنى: لا يستقيم أن تقولوا: السلام على الله، فأنكر التسليم على الله، وعلمهم أن ما يقولونه عكس ما يجب أن يقال؛ فإن كل سلامة ورحمة له ومنه، وهو مالكها ومعطيها. وقيل: أمرهم أن يصرفوه إلى الخلق؛ لحاجتهم إلى السلامة، وغناه سبحانه وتعالى عنها. والسلام اسم من أسماء الله تعالى، دال على سلامته من كل نقص وعيب. ثم علمهم صلى الله عليه وسلم ما يقولونه في التشهد، فقال: «التحيات لله»، هي جمع تحية، ومعناها: السلام، أو السلامة من الآفات والنقص، وقيل: الملك، وقيل: البقاء، وقيل: العظمة، وقيل: المراد بالتحيات أنواع التعظيم‏، والمعنى: أنها كلها مستحقة لله تعالى. «‏والصلوات»‏ قيل: المراد بها هنا: الصلوات الخمس، وقيل: العبادات كلها، وقيل: الدعوات، وقيل: الرحمة، وقيل: التحيات: العبادات القولية، والصلوات: العبادات الفعلية، والطيبات العبادات المالية، «‏والطيبات»‏ قيل: هي ما طاب من الكلام،‏ وقيل: ذكر الله خاصة،‏ وقيل: الأعمال الصالحة عامة، «‏السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته»، والسلام بمعنى التحية، ومعناها: نوجه إليك التحية والسلام، وقيل: بمعنى السلامة، والمعنى: سلمت من كل مكروه، وقيل: بمعنى اسم الله، بمعنى: بركة اسم الله عليك، والبركة: هي الزيادة في الخير، «السلام علينا» على أنفسنا، «وعلى عباد الله الصالحين»‏ وهم القائمون بأمر الله وحقوقه وحقوق عباده؛ فعلمهم أن يفردوه صلى الله عليه وسلم بالذكر؛ لشرفه ومزيد حقه عليهم، ثم علمهم أن يخصوا أنفسهم؛ لأن الاهتمام بها أهم، ثم أمرهم بتعميم السلام على الصالحين؛ إعلاما منه بأن الدعاء للمؤمنين ينبغي أن يكون شاملا لهم، ثم أخبرهم أنهم إذا قالوا: «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» انتفع بهذا السلام كل عبد صالح في الأرض أو السماء، فتشمل الملائكة والجن والإنس.وقوله: «‏أشهد أن لا إله إلا الله»،‏ وفي رواية أبي داود عن ابن عمر بزيادة: «وحده لا شريك له»؛ فهذه هي الشهادة لله سبحانه بالتوحيد، وأنه لا معبود بحق إلا هو سبحانه. وقوله: «‏وأشهد أن محمدا عبده ورسوله» أي: أقر بأن محمد بن عبد الله هو رسول من عند الله للناس أجمعين، وأنه خاتم المرسلين الذي تجب طاعته واتباعه على العالمين