باب التعوذ من شر الفتن وغيرها
بطاقات دعوية
حديث عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار، وعذاب النار، وفتنة القبر، وعذاب القبر، وشر فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال اللهم اغسل قلبي بماء الثلج والبرد ونق قلبي من الخطايا، كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وباعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم إني أعوذ بك من الكسل، والمأثم، والمغرم
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتقرب إلى الله عز وجل بالدعاء على كل حال، ودعاؤه صلى الله عليه وسلم من جوامع الكلم، وكان أصحابه رضي الله عنهم شديدي الحرص على اتباع هديه صلى الله عليه وسلم، ونشر سنته
وفي هذا الحديث تخبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ببعض الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم؛ فتخبر أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك» أي: ألجأ وأحتمي بك، «من الكسل» وهو ترك الشيء مع القدرة على فعله، وهو ضد النشاط، «والهرم» وهو كبر السن المؤدي إلى أرذل العمر، وضعف القوى، وسبب استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم منه: ما فيه من الخرف واختلال العقل والحواس والضبط والفهم، وتشويه بعض المناظر، والعجز عن كثير من الطاعات، والتساهل في بعضها
ومن «المغرم» وهو هم الدين، ويريد به ما استدين فيما يكرهه الله أو فيما يجوز ثم عجز عن أدائه، فأما دين احتاج إليه وهو قادر على أدائه فلا يستعاذ منه، وقيل: هو مغرم الذنوب والمعاصي، و«المأثم» وهو الأمر الذي يأثم به الإنسان، أو هو الإثم نفسه، وتعوذ صلى الله عليه وسلم من عذاب النار، أي: من عقابها والوقوع فيها في الآخرة، وفتنة النار، أي: من الفتنة التي تؤدي إلى النار، أو الأعمال التي تؤدي إلى النار، وتعوذ صلى الله عليه وسلم من فتنة القبر، وهي سؤال الملكين، ومن عذاب القبر، وهو العقوبة التي تقع على الميت بداخله، ويشمل الاستعاذة من الأسباب التي تؤدي إلى ذلك
وتعوذ صلى الله عليه وسلم من شر فتنة الغنى، أي: البطر والطغيان والتفاخر به وصرف المال في المعاصي وما أشبه ذلك
ويتعوذ صلى الله عليه وسلم من شر فتنة الفقر، ويراد به الفقر الذي لا يصحبه صبر ولا ورع حتى يتورط صاحبه بسببه فيما لا يليق بأهل الدين والمروءة
ويتعوذ صلى الله عليه وسلم من شر فتنة المسيح الدجال، سمي مسيحا؛ لأن إحدى عينيه ممسوحة، أو لأنه يمسح الأرض يقطعها في أيام معلومة.
ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم بأن يغسل الله عز وجل خطاياه بماء الثلج والبرد، وهو حب الغمام، وأن ينقي قلبه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، أي: الوسخ، فيكون طاهرا وناصع الوضاءة، وأن يباعد بينه وبين خطاياه كما باعد بين المشرق والمغرب، أي: لا يبقى لها اتصال به كما لا يتصل المشرق بالمغرب
واستعاذته صلى الله عليه وسلم من هذه الأشياء؛ لتكمل صفاته في كل أحواله، وأيضا لتعليم أمته؛ فإنه صلى الله عليه وسلم معصوم من كل ما يشين، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
وفي الحديث: إثبات عذاب القبر وفتنته