باب التوقيت في المسح على الخفين
بطاقات دعوية
عن شريح بن هانئ قال أتيت عائشة - رضي الله عنها - أسألها عن المسح على الخفين فقالت عليك بابن أبي طالب فسله فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه فقال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم. (م 1/ 160)
الإسلامُ دينُ اليُسرِ، والشَّرعُ الحَنيفُ يُراعي أحوالَ النَّاسِ وظُروفَهم في العِباداتِ، ومِن تِلك التِّيسيراتِ الرُّخصةُ في المسحِ على الخفِّينِ للمُسافرِ والمقيمِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ شُرَيحُ بنُ هانئٍ أنَّه ذهَبَ إلى أمِّ المؤمِنينَ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها يَسألُها عن مُدَّةِ وتَوقيتِ المسحِ على الخُفِّينِ رُخصةً عن غَسلِ القَدمِ عندَ الوُضوءِ، والخُفُّ: حِذاءٌ من جِلدٍ يَستُرُ القَدَمَ، فأرشَدَته عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أن يَسألَ هذا السُّؤالَ عليَّ بنَ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه؛ وذلك لأنَّه كان يُسافِرُ مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهذا مَظِنَّةُ مَعرفتِه مُدَّةَ مسحِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الخُفِّينِ في السَّفرِ، والذي أمَرَ به في هذا الشَّأنِ، فسألوا عليًّا رَضيَ اللهُ عنه، فأخبَرَهم أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَرَعَ في شأنِ المسحِ على الخفِّين عندَ الوضوءِ أنَّ المسافرَ يَظَلُّ ثَلاثةَ أيَّامٍ يَمسَحُ على الخُفِّينِ بالماءِ دونَ أن يَخلَعَهُما من قَدَميه، ثمَّ بعدَ مُرورِ الأيَّامِ الثَّلاثةِ إذا أرادَ أن يَتوضَّأ فلا بدَّ أن يَخلَعَ الخُفِّينِ، ثُمَّ يَغسِلَ رِجلَه، فإذا أرادَ أن يُلبِسَها خُفَّه بعدَ ذلك، ومن ثَمَّ يَمسَحُ عليه مَرَّةً أُخرى؛ فلا بأسَ، أمَّا المُقيمُ فإنَّ له أن يَمسَحَ على الخُفِّينِ لمدَّةِ يومٍ وليلةٍ فقط، ثُمَّ يَخلَعَ الخُفِّينِ. ومِن شُروطِ المسحِ على الخُفِّينِ أن يَكُونَ المرءُ قد لَبِسَهُما على طَهارةٍ ابتِداءً، كما وردَ في حديثِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ في الصَّحيحَينِ: «كُنتُ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفَرٍ، فأهوَيتُ لأنزِعَ خُفِّيه، فقالَ: دَعْهُما، فإنِّي أدخَلتُهما طاهِرتَينِ. فمَسَحَ عليهما».
وفي الحَديثِ: بَيانُ أدَبِ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم، وإحالةُ الفَتوى لمَن هو أعلَمُ وأدرى.