باب التوكل واليقين1

سنن ابن ماجه

باب التوكل واليقين1

حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن أبي تميم الجيشاني، قال:
سمعت عمر يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لو أنكم توكلتم على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا، وتروح بطانا" (1)

حَثَّ الشَّرعُ على التوكُّلِ على اللهِ تعالى والأخْذِ بالأسبابِ، وأنْ يكونَ المسلِمُ مُستعينًا باللهِ تعالى معترِفًا بأنَّ الله بيدِه كلُّ شيءٍ، وأنَّه هو الَّذي يقدِّرُ الأشياءَ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لو أنَّكم كُنتم تَوَكَّلون على اللهِ حقَّ توكُّلِه"، أي: لو حقَّقتُم معنى التَّوكُّلِ على اللهِ، واعتمَدتُم عليه بصِدقٍ، وأخَذتُم بما تيَسَّر لكم مِن أسبابٍ، وعَلِمتم أنَّ اللهَ بيَدِه العطاءُ والمنعُ، وأنَّ تَكَسُّبَكم وسعيَكم مِن أسبابِ اللهِ، وليسَت قوَّتُكم هي الرَّازِقةَ لكم، "لَرُزِقتُم"، أي: لرزَقَكم اللهُ ويسَّر لكم الأسبابَ، "كما يرزُقُ الطَّيرَ"، أي: كما يَأتي بالرِّزقِ إلى الطَّيرِ عندما "تَغدو"، أي: تذهَبُ بُكرةً في أوَّلِ نَهارِها، "خِماصًا"، أي: جِياعًا وبطونُها فارِغةٌ، "وتروحُ"، أي: وتأتي في آخِرِ النَّهارِ إلى بَياتِها "بِطانًا"، أي: وقد مُلِئَتْ بُطونُها بالطَّعامِ، وهذا نوعٌ مِن أنواعِ الأسبابِ في السَّعيِ لطلَبِ الرِّزقِ دون التَّواكُلِ والتَّكاسُلِ، والجلوسِ والزُّهدِ الكاذِبِ في الدُّني ا، لكنْ يَنبَغي على العبدِ الأخذُ بأسبابِ الرِّزقِ مع اليَقينِ في اللهِ وعدَمِ الانشغالِ بالدُّنيا عن الآخرَةِ.