باب الجمع بين الصلاتين
حدثنا قتيبة بن سعيد أخبرنا الليث عن يزيد بن أبى حبيب عن أبى الطفيل عامر بن واثلة عن معاذ بن جبل أن النبى -صلى الله عليه وسلم- كان فى غزوة تبوك إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعا وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم سار وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب. قال أبو داود ولم يرو هذا الحديث إلا قتيبة وحده.
مما امتازت به الشريعة الإسلامية أنها ترفع الحرج عن المكلفين، وتيسر عليهم، وهذا من تفضل الله على عباده
وفي هذا الحديث يخكي معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في "غزوة تبوك"، وتبوك موضع بالشام، وكانت غزوة تبوك في السنة التاسعة، وسببها أن الروم جمعت جيوشا كثيرة بالشام، فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فندب الناس وأخبرهم المكان الذي يريد لبعد المكان، مع شدة الأحوال من العسرة المالية، والحر الشديد، فكان صلى الله عليه وسلم: "إذا ارتحل"، وكان مسافرا "قبل زيغ الشمس"، أي: قبل ميل وزوال الشمس عن وسط السماء إلى الغرب، "أخر صلاة الظهر"، أي: إنه صلى الله عليه وسلم استمر في سيره وأخر صلاة الظهر إلى أن يجمعها "إلى العصر"، أي: حتى يأتي وقت العصر، "فيصليهما جميعا"، أي: يجمع بين صلاة الظهر والعصر جمع تأخير، "وإذا ارتحل" وكان مسافرا "بعد زيغ الشمس"، أي: بعد ميل الشمس وزوالها عن وسط السماء إلى الغرب، "عجل العصر إلى الظهر"، أي: قدم وقت صلاة العصر إلى وقت الظهر، "وصلى الظهر والعصر جميعا"، أي: صلى الظهر والعصر وجمع بينهما جمع تقديم، ثم سار، أي: أكمل سيره
وكان صلى الله عليه وسلم "إذا ارتحل"، أي: إذا كان سفره قبل دخول وقت صلاة المغرب، أخر صلاة المغرب حتى "يصليها مع العشاء"، والمعنى أنه كان يؤخر صلاة المغرب إلى العشاء، "وإذا ارتحل"، أي: وإذا كان سفره وارتحاله صلى الله عليه وسلم بعد دخول وقت المغرب "عجل العشاء"، أي: قدم وقتها فصلاها مع صلاة المغرب، وتلك إحدى صور الجمع، ويوجد أيضا الجمع الصوري، وهو أن يجمع بين الصلاتين فيؤخر إحداهما فيصليها في آخر وقتها، ثم يدخل وقت الأخرى، فيصليها، فتكون صورته الجمع، وإن كانت كل صلاة في وقتها