باب الحائض تخرج بعد الإفاضة
حدثنا القعنبى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر صفية بنت حيى فقيل إنها قد حاضت. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « لعلها حابستنا ». فقالوا يا رسول الله إنها قد أفاضت. فقال « فلا إذا ».
طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، والطهارة شرط لصحة الطواف؛ فإذا حاضت المرأة قبل أن تطوف طواف الإفاضة، فلا تنفر حتى تطهر ثم تطوف طواف الإفاضة، وهذا بخلاف طواف الوداع فإنه يسقط عنها، كما يبينه هذا الحديث، وفيه تروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنه لما حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، طافوا طواف الإفاضة يوم النحر، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، ثم حاضت أم المؤمنين صفية بنت حيي رضي الله عنها بعد أداء طواف الإفاضة، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم منها ما يريد الرجل من أهله، وهذا كناية عن إرادة الجماع، وذلك بعد أن استأذنت نساؤه في طواف الإفاضة، وأذن لهن، فظن أنها قد طافت معهن وحلت التحلل الثاني الذي يباح بعده أن يأتي الرجل أهله، فلما قيل له: إنها حائض، ظن أن يكون قد حاضت قبل ذلك حتى منعها من طواف الإفاضة، فاستفهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك قائلا: أحابستنا هي؟ يعني: هل نضطر إلى المكث حتى تطهر وتطوف طواف الإفاضة؟ فقيل له: إن صفية طافت طواف الإفاضة، أو أعلمته عائشة رضي الله عنها أنها طافت معهن، فلما علم ذلك زال عنه ما خشيه من المكث حتى تطهر صفية لتأتي بطواف الإفاضة، وأذن لهم في الرحيل، ورخص لأم المؤمنين صفية رضي الله عنها في ترك طواف الوداع