باب الحجر على من يفسد ماله 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أزهر بن مروان، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد، عن قتادةعن أنس بن مالك: أن رجلا كان في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عقدته ضعف، وكان يبايع، وأن أهله أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله، احجر عليه، فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنهاه عن ذلك، فقال: يا رسول الله، إني لا أصبر عن البيع، فقال: "إذا بايعت فقل: ها، ولا خلابة" (1).
لقدْ ضَبَط الإسلامُ عُقودَ المُعامَلاتِ بيْن النَّاسِ؛ حتَّى يَحفَظَ عَلَيهم أموالَهُم ومَصالِحَهم مِن الغَرَرِ والخَديعةِ الَّتي رُبَّما تَقَعُ مِن البَعضِ.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي عبْدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رجُلًا أخبَرَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّه لا يُحسِنُ البيعَ والشِّراءَ، ويَغُشُّه النَّاسُ لقلَّةِ رُشدِه، وهو حِبَّانُ بنُ مُنقِذِ بنِ عمْرٍو رَضيَ اللهُ عنهما، كما جاء في المُستدرَكِ للحاكمِ، أو القصَّةُ وَقَعَت لأبيهِ مُنقِذٍ، كما في سُننِ ابنِ ماجَه، وكان قدْ شُجَّ في رَأْسِه، فتَغيَّرَ بها عقْلِه، وثقُلَ لِسانُه، لكنَّه لم يَخرُجْ عن التَّمييزِ، وقد وَرَدَ عندَ أبي داودَ مِن حَديثِ أنَسٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ أهْلَه سَأَلوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَحجُرَ عليه، فيُمنَعَ مِن مُباشَرةِ البيعِ والشِّراءِ ونحْوِه، فنَهاهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلك، فقال: يا رَسولَ اللهِ، لا أصبِرُ عن البَيعِ، فأَذِن له، ولكنَّه أرادَ أنْ يَحمِيَه مِن الخِداعِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إذا بايَعْتَ فقُلْ: لا خِلابةَ»، أي: لا خَديعةَ، وإنَّما أمَرَه أنْ يَقولَ ذلك لِمَن يَتَعامَلُ معه تَنْبيهًا له بوُجوبِ الصِّدقِ والأمانةِ والنُّصحِ في المُعامَلةِ، أي: لا تُخادِعْني؛ فإنَّ الإسلامَ لا يُبيحُ الخَديعةَ ولا يُقِرُّ بَيعَ الخَديعةِ، والمسلِمُ لا يَخدَعُ غيرَه، وأثْبَتَ له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الخِيارَ ثَلاثةَ أيَّامٍ، كما في سُننَ ابنِ ماجَه.
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن الخَديعَةِ في البَيعِ وما يَضُرُّ بمَصالِحِ المُسلِمين.