باب الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم8
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن حميد الرازي، ويوسف بن موسى القطان البغدادي، قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مغراء أبو زهير، عن الأعمش، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض» وهذا حديث غريب لا نعرفه بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه " وقد روى بعضهم هذا الحديث عن الأعمش، عن طلحة بن مصرف، عن مسروق، قوله شيئا من هذا
جعَلَ اللهُ ابتلاءَ العِبادِ بالمصائبِ والبلايا كَفَّاراتٍ للذُّنوبِ ومَحوًا للسَّيِّئاتِ، وفي هذا الحَديثِ يَقولُ سَعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ رضِيَ اللهُ عَنه: "قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أيُّ النَّاسِ أشَدُّ بَلاءً؟" أي: مَن أثقَلُ النَّاسِ ابتِلاءً وأشَدُّهم مَصائِبَ وبَلايا؟ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: الأنبياءُ"، أي: أشَدُّ النَّاسِ المُبتَلِينَ وأثقَلُهم بَلاءً ومصائبَ وبَلايا هم الأنبياءُ، "ثمَّ الصَّالحونَ، ثمَّ الأمثَلُ فالأمثَلُ"، أي: ثمَّ الصَّالِحون فالصَّالحون، وأشبَهُهم بالأنبياءِ، والأشبَهُ بالفضلِ، والأقرَبُ إلي الخيرِ، "يُبتَلى الرَّجلُ على حسَبِ دِينِه"، أي: ويَكونُ البلاءُ على قدْرِ دِينِ المرءِ قوَّةً وضَعفًا، "فإنْ كان في دِينِه صَلابةٌ زِيدَ في بَلائِه"، أي: فإنْ كان دِينُ المرءِ صُلبًا قَويًّا وإيمانُه شَديدًا، كان البلاءُ شديدًا، والمصائبُ والبلايا كثيرةً، "وإنْ كان في دِينِه رِقَّةٌ خُفِّفَ عنه"، أي: وإنْ كان دِينُ المرْءِ ضَعيفًا رَقيقًا، كان البلاءُ خَفيفًا والبلايا قليلةً؛ فكلُّ امرِئٍ يُبتَلى على قدْرِ دِينِه، "ولا يَزالُ البلاءُ بالمُؤمنِ"، أي: فلا يَزالُ البلاءُ نازِلًا على العَبدِ المُؤمِن والبلايا تُصيبُه، "حتَّى يَمشِيَ على الأرضِ وليس عليه خطيئةٌ"، أي: حتَّى يَغفِرَ اللهُ للعبْدِ المُبتلَى ذُنوبَه بهذا البلاءِ وتلك البلايا، فيَترُكَ البلاءُ العبْدَ وقد غُفِرَت له ذُنوبُه كلُّها، وليس عليه شَيءٌ أبدًا، ويكونَ للمؤمِنين المبتَلَيْن على ذلك الجزاءُ الحسَنُ يومَ القِيامةِ.
وفي الحديثِ: أنَّ البلايا والمصائِبَ كَفَّاراتٌ للذُّنوبِ والخَطايا.
وفيه: بَيانُ أنَّ الابتِلاءَ مِن شأنِ الصَّالحين .