باب السلام 2
سنن النسائي
أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا أبو عامر العقدي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي، عن إسمعيل بن محمد بن سعد، عن عامر بن سعد، عن سعد قال: «كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده»، قال أبو عبد الرحمن: عبد الله بن جعفر هذا ليس به بأس، وعبد الله بن جعفر بن نجيح والد علي بن المديني متروك الحديث
كان الصَّحابةُ رضي اللهُ عنهم يَرقُبونَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في عِباداتِه ومُعاملاتِه وفي كلِّ حياتِه، ومِن ذلك مُراقبتُهُم له في الصَّلاةِ؛ الفَرضِ مِنها والتَّطوُّعِ؛ لِيتعلَّموا منه
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رضي اللهُ عنه: "رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُكبِّرُ"، أي: يقولُ في صَلاتِه: اللهُ أكبرُ، "في كلِّ خَفْضٍ ورَفْعٍ وقيامٍ وقُعودٍ"، أي: إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُكبِّرُ في كلِّ انتقالاتِه في الصَّلاةِ مِن رُكوعٍ وسُجودٍ وقيامٍ، وهذا بِاعتبارِ الأغلبِ؛ لأنَّه لا تَكبيرَ في الرَّفعِ عَنِ الرُّكوعِ، وإنَّما هو قولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، "ويُسلِّمُ عن يمينِه وعن شِمالِه"، أي: يَلتفِتُ جهةَ اليمينِ وجهةَ الشِّمالِ في السَّلامِ، ويقولُ في كلِّ واحدةٍ منهما: "السَّلامُ عَليْكم ورحمةُ اللهِ، حتَّى يُرى بياضُ خدِّه"، وفي هذا إشارةٌ إلى شِدَّةِ التفاتِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بوجهِه وهو يُسلِّمُ، قال عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ: "ورأيتُ أبا بكرٍ وعُمرَ يَفعلانِ ذلك"، أي: يُكبِّرانِ ويُسلِّمانِ بِمثل فِعْلِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهذا لِمزيدِ التَأكيدِ على تلك الهيئَةِ في الصَّلاةِ الَّتي واظبَ عليها الخلفاءُ مِن بَعدِه
وفي الحديثِ: حُسنُ اتِّباع الصَّحابةِ، وخُصوصًا الخليفتينِ أبا بكرٍ وعُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما- للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم