باب: السهمان والخمس فيما افتتح من القرى بقتال
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيما قرية أتيتموها وأقمتم فيها فسهمكم فيها وأيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ولرسوله ثم هي لكم. (م 5/ 151
تَفَضَّل اللهُ على هذه الأُمَّةِ بأمورٍ كثيرةٍ، منها أنَّه سُبحانه أَحَلَّ لها غَنائمَ الحروبِ، وقد كانت في الأُممِ السَّابقةِ تُحرَقُ ولا يُستفادُ منها بشَيءٍ، وقدْ بَيَّنَ اللهُ تعالَى ورسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَيفيَّةَ تَقسيمِ هذه الغنائمِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أيَّ قريةٍ مِن قُرى الكفَّارِ وبَلدةٌ مِن بُلدانِهم دَخَلها المسلمون بلا قتالٍ، بأَنْ خَرَج أهلُها وتَركَوها، أو صالَحوا عليها، وأقام المسلِمون فيها؛ فتكونُ تلك القريةُ مع ما فيها فَيئًا لبَيتِ مالِ المسْلِمين، والفَيءُ هو كلُّ مالٍ حاصلٍ للمُسْلمين بلا مُحارَبةِ أحدٍ مِن الكفَّارِ، ويكونُ سَهمُهم فيها، أي: حقُّهم ونَصيبُهم مِن العَطايا يكونُ في تلك القَريةِ كسِهامِ سائرِ المسْلِمين، ولا يَخْتَصُّ بمَن دخَلَها، بل تكونُ مُشتَرَكة بيْن مَن خَرَج للحَربِ وبيْن مَن لم يَخرُج منهم مِن جيشِ المسْلِمين.
وأيُّ قريةٍ عَصَتِ اللهَ ورسولَه، والعصيانُ كِنايةٌ عن المحارَبةِ والقتالِ، حتَّى انتصَرَ المسْلِمون على أهْلِها وأخَذوا مالَهم عَنْوةً، فإنَّ خُمُسَها يكونُ للهِ ولرَسولِه، يُنفِقُ منها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على أهْلِه، وعلى مَصالحِ المسْلِمين وسَدِّ حَوائجِهم، وخاصَّةً الفقراءَ، كما قال اللهُ تعالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41]، ثُمَّ بعْدَ إخراجِ خُمسِها منها تكونُ بَقيَّةُ الأموالِ والأراضِي غَنِيمَةً تُقسَمُ بيْن الخارِجين للمُحارَبَةِ، وهو مَعنى قولِه: «ثمَّ هي لكُم» أي: باقِيها.
وفي الحديثِ: أنَّ الأرَاضِيَ الَّتي تُؤخَذُ عَنْوةً حُكمُها حُكمُ سائرِ الأموالِ الَّتِي تُغْنَمُ، وأنَّ خُمُسَها لأهلِ الخُمُسِ، وأرْبَعَةَ أخماسِها للغانِمِين.
وفيه: أنَّ الأراضِيَ الَّتِي فُتِحَتْ دونَ قتالٍ، بِصُلحٍ أو غيرِه، فهي فَيْءٌ للمسلِمين.