باب الشعر في المسجد

بطاقات دعوية

باب الشعر في المسجد

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع حسانَ بنَ ثابت الأَنصاري يستشهد أبا هريرةَ (ومن طريق سعيد بن المسيب قال: مرَّ عمر في المسجد وحسانُ يُنشد، فقال: كنت أنشِدُ فيه، وفيه من هو خير منك، ثم التفَتَ إلى أبي هريرةَ فقال: ) [يا أبا هريرة ] أَنْشُدُك [بـ] اللهِ هل سمعتَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ:
"يا حسَّانُ! أَجِبْ عن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: أجب عني). اللهمَّ أيدْهُ برُوحِ القُدُس"؟. قالَ أبو هريرةَ: نعمْ.

الشِّعرُ مِنَ الكَلامِ الذي حَسَنُه حَسَنٌ، وقَبيحُه قَبيحٌ، وكان حَسَّانُ بنُ ثابتٍ رَضيَ اللهُ عنه مِن أبرَزِ شُعَراءِ الصَّحابةِ رِضوانُ اللهِ عليهم،

وفي هذا الحديثِ يَروي التابعيُّ سَعيدُ بنُ المُسيَّبِ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه مرَّ على حسَّانَ بنِ ثابتٍ رَضيَ اللهُ عنه ذاتَ مَرَّةٍ وهو يَقولُ الشِّعرَ في المَسجِدِ، فنَظَرَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه إليه، وكأنَّه أنكَرَ هذا الفِعلَ، فأخبَرَه حَسَّانُ بنُ ثابِتٍ أنَّه كان يُنشِدُ الشِّعرَ في المَسجِدِ بحُضورِ مَن هو خَيرٌ مِن عمَرَ رَضيَ اللهُ عنه، يَقصِدُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
ثمَّ التَفَتَ حَسَّانُ رَضيَ اللهُ عنه إلى أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، وقال له: أنشُدُكَ باللهِ، أسَمِعتَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: «أجِبْ عَنِّي، اللَّهُمَّ أيِّدْه برُوحِ القُدُسِ؟» فقال أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه: نَعَمْ. وإنَّما ناشَدَ حَسَّانُ رَضيَ اللهُ عنه أبا هُرَيرةَ بسَماعِه لِلحَديثِ؛ لِأنَّ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه كان يُشَدِّدُ في حَديثِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلَّا بشَهادةِ رَجُلَيْنِ.
وكان ذلك القولُ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عِندَما هَجا شُعراءُ مِن قُرَيشٍ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فطَلَبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَن يَرُدُّ عنه ويَهجو قُرَيشًا، فتَقدَّمَ غَيرُ واحِدٍ، ومنهم حَسَّانُ بنُ ثابِتٍ رَضيَ اللهُ عنه، فكان أشَدَّ الشُّعَراءِ تأثيرًا في المُشرِكينَ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ أيِّدْه برُوحِ القُدُسِ، يَعني جِبريلَ، وإنَّما دَعا له بذلك لِأنَّ عِندَ أخْذِه في الطَّعنِ والهِجاءِ في المُشرِكينَ وأنسابِهم مَظِنَّةَ الفُحشِ مِنَ الكَلامِ وبَذاءةِ اللِّسانِ، وقد يُؤَدِّي ذلك إلى أنْ يُتكَلَّمَ عليه، فيَحتاجَ إلى التَّأييدِ مِنَ اللهِ بأنْ يُقَدِّسَه مِن ذلك برُوحِ القُدُسِ، وهو جِبريلُ.
وفي الحَديثِ: فَضيلةٌ لِحَسَّانَ بنِ ثابِتٍ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: مَشروعيَّةُ إنشادِ الشِّعرِ في المَسجِدِ؛ لِلدِّفاعِ عنِ الحَقِّ، والحَثِّ على الخَيرِ.