باب العمرة في رمضان4

سنن ابن ماجه

باب العمرة في رمضان4

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن عطاء
عن جابر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عمرة في رمضان تعدل حجة"

كان شَأنُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَعهُّدَ أصحابِه بالسُّؤالِ، وتَحرِّيَه عن قِيامِهم بما وجَبَ عليهم، وتَحريضَهم على فِعلِ الخيراتِ.
وفي هذا الحديث يَرْوي ابنُ عباسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَأَلَ أمَّ سِنانٍ الأنصاريَّةَ رَضيَ اللهُ عنها بعْدَ عَودتِه مِن حَجَّةِ الوَداعِ عن سَببِ عدَمِ حَجِّها، فأخْبرَتْه رَضيَ اللهُ عنها أنَّ الَّذي منَعها هو أنَّها وزَوجَها أبا سِنانٍ رَضيَ اللهُ عنه كانا لا يَملِكانِ سِوى ناضحَينِ -والنَّاضحُ هو البعيرُ الَّذي يُحمَلُ عليه الماءُ للسُّقْيَا- فحجَّ زَوجُها على أحدِ النَّاضحَينِ، وترَكَ الآخَرَ لسُقْيَا الأرضِ الَّتي لهما، فأرْشَدَها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُسلِّيًا لها ومخبرًا عن عمَلٍ يعدِلُ في ثوابِه عمَلَ الحجِّ، وهو أنْ تَعتمِرَ في رَمضانَ؛ فإنَّ عُمرةً في رَمضانَ تَعدِلُ في ثَوابِها ثَوابَ الحجِّ -أو ثَوابَ حَجَّةٍ معه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، شَكَّ الرَّاوي في ذلك- وليس المرادُ أنَّ العُمرةَ تَقْضي بها فرْضَ الحجِّ أو تقومُ مَقامَه في إسقاطِ الفَرْضِ، وإنْ كان ظاهِرُه يُشعِرُ بذلك، بلْ هو مِن بابِ المُبالَغةِ وإلْحاقِ الناقصِ بالكاملِ؛ للتَّرغيبِ فيه، وهذا نظيرُ ما جاء عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] تعدِلُ ثُلُثَ القُرآنِ؛ فقراءةُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] تعدِلُ ثوابَ ثُلثِ القُرآنِ، ولكنَّها لا تُجزئُ عن قِراءة ثُلُثِ القُرآنِ فِعليًّا.
وفي الحديثِ: أنَّ ثَوابَ العَملِ يَزيدُ بزِيادةِ شرَفِ الوقتِ، كما يَزيدُ بحُضورِ القلْبِ، وبخُلوصِ القصدِ.
وفيه: بَيانُ فضْلِ العُمرةِ في رَمضانَ.