باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان4
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي الزناد، عن المرقع بن عبد الله بن صيفي
عن حنظلة الكاتب، قال: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمررنا على امرأة مقتولة قد اجتمع عليها الناس، فأفرجوا له، فقال: "ما كانت هذه تقاتل فيمن يقاتل" ثم قال لرجل: "انطلق إلى خالد بن الوليد، فقل له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرك، يقول: لا تقتلن ذرية ولا عسيفا"
لقدْ نظَّمَ الإسلامُ أُمورَ السِّلمِ والحَرْبِ، وعلَّمَنا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ آدابَ الحَرْبِ، وبيَّنَ أنَّ القِتالَ والجِهادَ في الإسلامِ يكونُ لنَشْرِ الدِّينِ وإعزازِه كما يكونُ للدِّفاعِ عن الأنفُسِ، وليس للاعتِداءِ على أحدٍ، وأمَرَنا بعدَمِ قَتلِ مَن لم يُشارِكْ من الكُفَّارِ في قتْلِ المُسلمينَ كالنِّساءِ والصِّغارِ والأُجراءِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ حَنْظلةُ الكاتبُ رضِيَ اللهُ عنه: "غَزَونا مع رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فمَرَرْنا على امرأةٍ"، أي: مِن المُشركينَ، "مَقتولةٍ"، أي: قتَلَها المُسلمونَ، "قد اجتمَعَ عليها النَّاسُ، فأفْرَجوا له"، أي: أوْسَعوا للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لرُؤيتِها، فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن تلك المرأةِ: "ما كانت هذه تُقاتِلُ فيمَن يُقاتِلُ أي: وجَدَها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقتولةً دونَ أنْ تُشارِكَ في المَعركةِ، "ثمَّ قال لرجُلٍ: انْطلِقْ إلى خالدِ بنِ الوليدِ" وكان على مُقَدِّمَةِ الجيشِ، "فقُلْ له: إنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يأمُرُكَ، يقولُ: لا تقتُلَنَّ ذُرِّيَّةً"، اسمٌ يجمَعُ نَسلَ الإنسانِ مِن ذكَرٍ وأُنْثى، والمُرادُ في هذا الحديثِ النِّساءُ؛ لأجْلِ المرأةِ المَقتولةِ، "ولا عَسِيفًا" العَسيفُ: الأجيرُ، وكأنَّ المُرادَ: الأجيرُ على حِفْظِ الدَّوابِ ونحوِه، لا الأجيرُ على القِتالِ؛ فإنَّ حُكْمَه حُكمُ المقاتِل.