باب الغر المحجلين من إسباغ الوضوء 1
بطاقات دعوية
عن نعيم بن عبد الله المجمر قال رأيت أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع (2) في العضد ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد ثم مسح برأسه ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق ثم قال لي هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله (3). (م 1/ 149)
يَحكِي جَابِرُ بنُ عبدِ الله رضِي اللهُ عنهما فيقول: «سِرْنا مع رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى نَزَلْنا وادِيًا أَفْيَحَ»، أي: واسعًا، فذَهَب صلَّى الله عليه وسلَّم يَقضِي حاجتَه، فاتَّبَعْتُه بإِدَاوَةٍ»، أي: بإناءٍ صغيرٍ مِن جِلْدٍ يُتَّخَذُ للوُضوء ونحوِه «مِن ماءٍ، فنَظَر رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فلم يَرَ شيئًا يَستَتِرُ به، فإذا شَجَرتَانِ بشاطِئ الوادِي»، أي: بطَرَفِه، «فانْطَلَق رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى إحداهما فأَخَذ بغُصْنٍ من أغصانِها فقال: انْقَادِي عليَّ بإذنِ الله»، أي: لِلتَّسَتُّرِ عليَّ، «فانْقادَتْ معه كالبَعِيرِ المَخْشُوشِ» وهو الذي في أَنْفِه الخِشَاشُ، وهو عُوَيْدَةٌ تُجعَل في أنفِ البَعِيرِ ؛ لِيكونَ أسرعَ إلى الانقيادِ «الذي يُصانِع قائدَه»، أي: يَنْقَادُ له ويُرافِقُه، «حتَّى أتَى الشجرةَ الأُخرَى، فأَخَذ بغُصْنٍ مِن أغصانِها، فقال: انْقَادِي عليَّ بإذن الله، فانقادَتْ معه كذلك، حتَّى إذا كان بالمَنْصَفِ»، أي: نِصْفِ الطريق، والمرادُ هنا: المَوْضِعُ الوَسَطُ «مِمَّا بينَهما، لَأَمَ بينهما- يعني جَمَعَهما- فقال: الْتَئِمَا»، أي: تَقَارَبَا «عليَّ» فيكونان كالمِظَلَّتَيْنِ «بإذنِ الله، فالْتَأَمَتَا»، أي: حتَّى قَضَى الحاجةَ بينهما، «قال جَابِرٌ: فخَرَجْتُ أُحضِرُ مَخافةَ أن يُحِسَّ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بِقُربِي فيَبْتَعِدَ، فجَلَسْتُ أحدِّث نفسي»، أي: بأمرٍ مِن الأُمور، «فحَانَتْ»، أي: فظَهَرَتْ «منِّي لَفْتَةٌ»، أي: التِفاتَةٌ، «فإذا أنا برسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مُقبِلًا، وإذا الشجرتان»، أي: وجدتُهما أو رأيتُهما «قد افْتَرَقَتَا، فقامَتْ كلُّ واحدةٍ منهما على ساقٍ»، أي: وَقَفت بانفرادها في مكانها، «فرأيتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وَقَف وَقْفَةً، فقال برأسِه هكذا- وأشار أبو إسماعيلَ (وهو مِن رُواة الحديث) برأسِه يَمِينًا وشِمالًا- ثُمَّ أقبَلَ، فلمَّا انتَهى إليَّ قال: يا جَابِرُ، هل رأيتَ مَقامِي؟ قلتُ: نَعَمْ يا رسولَ الله، قال: فانْطَلِقْ إلى الشجرتين فاقْطَعْ مِن كلِّ واحدة منهما غُصنًا، فأَقْبِلْ بهما، حتَّى إذا قُمتَ مَقامِي فأرسِلْ غُصنًا عن يمينِك وغُصنًا عن يَسارِكَ، قال جابِرٌ: فقُمتُ فأخذتُ حَجَرًا فكَسَرْتُه وحَسَرْتُه»، أي: أَحْدَدْتُه حتَّى يُمْكِنَ أنْ أَقْطَعَ به الأغصانَ، «فانْذَلَقَ لي»، أي: صار حَادًّا، «فأتيتُ الشَّجرتينِ فقطعتُ مِن كلِّ واحدةٍ منهما غُصنًا، ثُمَّ أَقْبَلْتُ أَجُرُّهما، حتَّى قُمتُ مَقامَ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، أرسلتُ غُصنًا عن يميني وغُصنًا عن يَساري، ثُمَّ لَحِقْتُه فقلتُ: قد فعَلتُ يا رسول الله! فعَمَّ ذاك؟ قال: إنِّي مَرَرْتُ بقَبْرَيْنِ يُعذَّبان، فأَحْبَبْتُ، بشَفاعتي، أن يُرَفَّهَ عنهما» مِنَ التَّرْفِيهِ، أي: يُخَفَّف عنهما العذابُ «ما دام الغُصنانِ رَطْبَيْنِ».
في الحديثِ: مُعجِزةٌ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعلامةٌ مِن علاماتِ نُبوَّتِه .