باب القراء من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم 3
بطاقات دعوية
عن عبد الله (ابن مسعود) رضي الله عنه؛ قال: والله الذى لا إله غيره؛ ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم منى بكتاب الله تبلغه الإبل؛ لركبت إليه.
بذل الصَّحابةُ جُهْدَهم في تعلُّمِ القُرآنِ الكريمِ وتعليمِه، وتفاوتت أقدارُهم وعطاءاتُهم في ذلك الميدانِ.
وفي هذا الحديثِ بَيَّنَ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه عِلْمَه بكِتابِ اللهِ تعالَى ونُزولِه؛ فيَحلِفُ باللهِ الذي لا إلهَ غَيْرُه إنَّه ما أُنزِلَت سورةٌ في كتابِ اللهِ؛ القُرآنِ الكريمِ، إلَّا وهو يَعلَمُ مكانَ نُزولها، سواءٌ في مكَّةَ أو المدينةِ أو غيرِهما. وما من آيةٍ مِن آياتِ القُرآنِ إلَّا وهو يَعلَمُ سَبَبَ نُزولِها. ثُمَّ بَيَّنَ أنَّه لو عَلِمَ أنَّ هناك أحَدًا أَعلمُ منه بكتابِ اللهِ تعالى تَبْلُغُه الإبِلُ، أي: يَقدِرُ أنْ يَصِلَ إليه، لَركِبَ إليه وأَخَذَ منه العلمَ. وَقولُه: «تبلُغُه الإبلُ» مبالغةٌ في نَفْيِ أن يكونَ أحَدٌ أعلَمَ منه بهذا، والمرادُ: أنَّه أعلَمُ النَّاسِ بكتابِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، ولا يلزَمُ منه أن يكونَ أعلَمَ مِن أبي بكرٍ، وعُمَرَ، وعثمانَ، وعَلِيٍّ وغيرِهم رَضِيَ اللهُ عنهم بالسُّنَّةِ، ولا يلزَمُ من ذلك أيضًا أن يكونَ أفضَلَ منهم عندَ اللهِ تعالى؛ فقد يكونُ واحِدٌ أعلَمَ مِن آخَرَ ببابٍ مِنَ العِلمِ، أو بنوعٍ، والآخَرُ أعلَمُ مِن حيثُ الجُملةُ، وقد يكونُ واحِدٌ أعلَمَ مِن آخَرَ، وذاك أفضَلُ عند الله بزيادةِ تقواه، وخَشيتِه، ووَرَعِه، وزُهْدِه، وطهارةِ قَلْبِه، وغيرِ ذلك، ولا شَكَّ أنَّ الخُلَفاءَ الرَّاشِدينَ الأربعةَ رَضِيَ اللهُ عنهم كلٌّ منهم أفضَلُ من ابنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه.
وفي الحَديثِ: مشروعِيَّةُ الحلِفِ وَإنْ لم يُسْتَحلَفِ الإنسانُ.
وفيه: أنَّ بعضَ سُورِ القرآنِ نزَلَ كاملًا، وبَعضَها نَزَلَ مُفرَّقًا.
وفيه: ذِكْرُ الإنسانِ ما فيه مِنَ الفَضيلةِ بِقدْرِ الحاجةِ.
وفيه: الرِّحلةُ لطَلَبِ العِلمِ والاستزادةِ منه.