باب المؤاجرة

بطاقات دعوية

باب المؤاجرة

عن عبد الله بن السائب قال دخلنا على عبد الله بن معقل فسألناه عن المزارعة فقال زعم ثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة وقال لا بأس بها. (م 5/ 25

كانتِ الجاهِليَّةُ يَسودُ فيها أنواعٌ مِن المعامَلاتِ الَّتي تمتلِئُ ظُلمًا وإجحافًا، فلمَّا جاء الإسلامُ أقرَّ البَيعَ العادلَ، ونهَى عن كلِّ ما فيه ظُلمٌ؛ فمَنَع ما فيه الغِشُّ والغرَرُ والجهالةُ لقَطْعِ النِّزاعِ والخُصومةِ بيْن النَّاسِ، وهذا مَقصِدٌ مِن المَقاصِدِ الشَّرعيَّةِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ ثابتُ بنُ الضَّحَّاكِ رَضِي اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم نَهَى عن المُزارعةِ، وهي إجارةُ الأرضِ بجُزءٍ مِنها، والعَملُ في الأَرضِ ببَعضِ ما يَخرُجُ مِنها مِن الثَّمرِ، وهذا مَحمولٌ على ما فيه مُخاطَرةٌ وجَهالةٌ وغرَرٌ، وكان أشْهَرُها هي الَّتي كان يَختَصُّ بها صاحبُ الأرضِ بجُزءٍ منها وما تُنبِتُه لنفسِه، وإلَّا فإنَّ للمالكِ أنْ يُؤجِّرَها بنِسبةٍ شائعةٍ ممَّا يُزرَعُ فيها، كالرُّبعِ والثُّلثِ مِن إنتاجِها؛ لِما في الصَّحيحينِ عن ابنِ عمَرَ رَضِي اللهُ عنهما، قال: «عامَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم خَيبَرَ بشَطرِ ما يَخرُجُ منها مِن ثمَرٍ أو زرْعٍ».
وأَمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وأباح لهم المؤاجَرةَ بدَلًا عن المُزارعةِ، وهيَ أخْذُ أُجْرةٍ مَعلومةٍ بالذَّهبِ والفضَّةِ والنَّقدِ؛ لأنَّ هذا النَّوعَ مِن الإجارةِ أبعَدُ عن الغَررِ والجَهالةِ؛ وفي الصَّحيحينِ، عن حَنْظلةَ بنِ قَيسٍ: «أنَّه سَأل رافعَ بنَ خَديجٍ عن كِراءِ الأرضِ، فقال: نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عن كِراءِ الأرضِ، قال: فقلْتُ: أبِالذَّهبِ والوَرِقِ؟ فقال: أمَّا بالذَّهبِ والوَرِقِ فلا بأسَ به».