باب المسلم من سلم المسلمون منه

بطاقات دعوية

باب المسلم من سلم المسلمون منه

عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي المسلمين خير قال من سلم المسلمون من لسانه ويده.

هذا الحديثُ مِن جَوامعِ كَلِمِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وفيه يُرشِدُنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى التَّحَلِّي بالآدابِ والأخْلاقِ الإسلاميَّةِ، الَّتي تَزيدُ الأُلفةَ والموَدَّةَ بيْن المُسلِمينَ. ومعْناه: أنَّ المسلِمَ الكامِلَ الجامعَ لخِصالِ الإسلامِ: هو مَن لم يُؤْذِ مُسلِمًا بقَولٍ ولا فِعلٍ، وخصَّ اللِّسانَ واليدَ؛ لكَثرةِ أخطائِهما وأضرارِهما؛ فإنَّ مُعظَمَ الشُّرورِ تَصدُرُ عنهما؛ فاللِّسانُ يَكذِبُ، ويَغتابُ، ويسُبُّ، ويَشهَدُ بالزُّورِ، واليدُ تَضرِبُ، وتَقتُلُ، وتَسرِقُ، إلى غيرِ ذلك، وقدَّم اللِّسانَ؛ لأنَّ الإيذاءَ به أكثرُ وأسهلُ، وأشدُّ نِكايةً، ويعُمُّ الأحياءَ والأمواتَ جميعًا. وبيَّن أنَّ المُهاجرَ الكاملَ هو مَن هجَرَ ما نهى اللهُ عنه؛ فالمُهاجرُ الممدوحُ هو الَّذي جمَعَ إلى هِجرانِ وَطَنِه وعَشيرتِه هِجرانَ ما حرَّم اللهُ تعالَى عليه؛ فمُجرَّدُ هِجرةِ بلَدِ الشِّركِ مع الإصرارِ على المعاصي ليست بهِجرةٍ تامَّةٍ كاملةٍ؛ فالمُهاجرُ بحقٍّ هو الَّذي لم يَقِفْ عند الهجرةِ الظَّاهرةِ، مِن تَرْكِ دارِ الحربِ إلى دار الأمنِ، بل هُو مَن هجَرَ كلَّ ما نَهَى اللهُ عنه. وفي الحديثِ: الحثُّ على تَركِ أذَى المسلِمين بكلِّ ما يُؤذِي. وفيه: أنَّ الظَّواهرَ لا يَعبَأُ اللهُ تعالَى بها إذا لم تُؤيِّدْها الأعمالُ الدَّالَّةُ على صِدقِها.