باب المقام الذي يقصر بمثله الصلاة 4
سنن النسائي
أخبرنا أبو عبد الرحمن، قال: الحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، في حديثه، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن حميد، عن السائب بن يزيد، عن العلاء بن الحضرمي، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يمكث المهاجر بمكة بعد نسكه ثلاثا»
كانتِ الهجرةُ مِن مكَّةَ إلى المدينةِ خُروجًا في سبيلِ اللهِ، وهِجرةً إلى رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد جعَل اللهُ أجرَها عَظيمًا للمُهاجِرين، وقد أُمِرَ المهاجِرون ألَّا يُقيموا في مَكَّةَ بعد فتْحِها؛ إتمامًا لهجرتِهم؛
ففي هذا الحديثِ يَقولُ عبدُ الرَّحمنُ بنُ حُمَيْدٍ: "إنَّ عُمرَ بنَ عبدِ العزيزِ، يَسأَلُ السَّائِبَ بنَ يَزيدَ- وكان مِن صَحابةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: هل سَمعْتَ في الإقامةِ بمكَّةَ شيئًا؟"، أي: لِمَن هاجَر مِنها قبلَ الفتحِ، وكان حَرُم عليهِم استيطانُ مكَّةَ والإقامةُ بها، قال: أخبَرني ابنُ الحَضرميِّ- وهو خالُه واسمُه: العلاءُ- أنَّه سَمِع رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ للمُهاجِرين: "إقامةٌ بعدَ الصَّدرِ ثلاثًا"، أي: رخَّص النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للمهاجرين في الإقامةِ بمكَّةَ بعدَ الصَّدرِ؛ والمرادُ بالصَّدْرِ: الانتهاءُ مِن أعمالِ الحجِّ ومَناسكِه، فلا يَصِحُّ للمُهاجرِ أن يَظَلَّ في مكَّةَ أكثرَ مِن ثلاثةِ أيَّامٍ؛ لأنَّ الانتظارَ أكثرَ مِن ذلك يُشبِهُ الإقامةَ فيها دونَ عُذرٍ شرعيٍّ، والمهاجِرُ مأمورٌ ألَّا يُقيمَ في البلَدِ التي هاجَر منها؛ وهي مكَّةُ؛ قيل: وذلك لأنَّ المحافظةَ على الهجرةِ وفَضْلِها أفضلُ مِن الإقامةِ في مكَّةَ