باب النزول بمكة للحاج وتوريث دورها
بطاقات دعوية
حديث أسامة بن زيد، أنه قال: يا رسول الله أين تنزل في دارك بمكة فقال: وهل ترك عقيل من رباع أو دور وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب، ولم يرثه جعفر ولا علي شيئا لانهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين
لقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه المثال الأكمل في في كل العبادات والتعاملات، ومن ذلك أحكام التوارث بين المسلم والكافر وبيان عدم التوارث بينهما، كما يروي أسامة بن زيد رضي الله عنه في هذا الحديث: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم -وذلك عند فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة- أين سينزل ويقيم في دوره التي تركها قبل الهجرة في مكة؟ فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا مكان له في دور أبي طالب ولا غيره من قومه في مكة؛ وذلك لأن المؤمن لا يرث كافرا
وقد فسر الراوي -ولعله أسامة رضي الله عنه- المراد، فذكر أنه لما مات أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، ورثه ابناه الكافران: عقيل وطالب، وحازا كل ممتلكاته المشتملة على عدة بيوت، ولم يرثه جعفر وعلي المؤمنان، ولو كانا وارثين لنزل عليه الصلاة والسلام في دورهما، وكانت كأنها ملكه؛ لعلمه بإيثارهما إياه على أنفسهما
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لا يرث المؤمن الكافر. والمراد أنه كان يقول ذلك بناء على ما أقره صلى الله عليه وسلم من عدم وراثة علي وجعفر رضي الله عنهما من أبي طالب
وقال ابن شهاب الزهري: إنهم كانوا يتأولون قول الله تعالى: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض} [الأنفال: 72] الآية. فيفسرون الولاية في هذه الآية بولاية الميراث، وتتمتها: {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير * والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير} [الأنفال: 72 - 73]، والمعنى: إن الذين آمنوا بالله ولم يهاجروا من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، ليس عليكم -أيها المؤمنون- أن تنصروهم وتحموهم حتى يهاجروا في سبيل الله، وإن ظلمهم الكفار، فطلبوا منكم النصر؛ فانصروهم على عدوهم، إلا إذا كان بينكم وبين عدوهم عهد لم ينقضوه، والله بما تعملون بصير، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وسيجازيكم عليها، والذين كفروا بالله يجمعهم الكفر، فيناصر بعضهم بعضا، فلا يواليهم مؤمن، إن لم توالوا المؤمنين وتعادوا الكافرين تحدث فتنة للمؤمنين، حيث لم يجدوا من يناصرهم من إخوانهم في الدين، ويحدث فساد في الأرض عظيم بالصد عن سبيل الله
وفي الحديث: مشروعية توريث دور مكة ومنازلها