باب النهى عن المسكر

باب النهى عن المسكر

 حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن عاصم بن كليب عن أبى بردة عن أبى موسى قال سألت النبى -صلى الله عليه وسلم- عن شراب من العسل فقال « ذاك البتع ». قلت وينتبذ من الشعير والذرة.
فقال « ذاك المزر ». ثم قال « أخبر قومك أن كل مسكر حرام ».

حرمة المسكرات من أشد الحرمات التي حذر منها الإسلام؛ لما فيها من ذهاب العقل الذي هو مناط تكليف بني آدم
وفي هذا الحديث يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من تناول المسكرات تحذيرا شديدا، ويخبر أن كل ما يسكر -أي: ما يغيب ويذهب العقل- فهو خمر، يعني: أن الخمر اسم لكل ما يوجد فيه الإسكار، سواء كان شرابا أو طعاما أو استنشاقا ونحو ذلك، وأن كل ما يسكر ويذهب العقل فقد حرمه الله عز وجل ونهى عنه، قليله وكثيره، وأن كل من شرب أي نوع من أنواع تلك المسكرات التي تذهب العقل، وواظب على شربها، وحرص عليها حتى أدمنها ولم يتب منها، فسوف يعاقبه الله بحرمانه من شربها في الجنة؛ حيث في شربها في الجنة كمال اللذة وتمام النعيم؛ فالجزاء من جنس العمل، فمن لم يمسك نفسه عما حرم الله، فسوف يحرمه الله حظه في الآخرة، فإن أدخل الجنة أو أخر عنها حتى يستوفي عقابه، فإنه يحرم من شربها، وأن هذا النعيم الذي في الجنة المتعلق بخمر الجنة لا يحصل له، ويحتمل أنه يمنع من دخول الجنة دخولا أوليا، فلا يتمتع بما فيها من النعيم، ومنها الخمر، فإن دخلها شرب وتمتع بجميع نعيمها
ومن المعروف أن الجنة فيها خمر لكنه لا يشبه خمر الدنيا؛ قال تعالى: {وأنهار من خمر لذة للشاربين} [محمد: 15]، أي: ليست كريهة الرائحة والطعم، بل هي طيبة الطعم والرائحة، ولا تسلب العقول كما هي الحال في خمر الدنيا، ومن سوء العاقبة في الآخرة ما رواه مسلم، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن رجلا قدم من جيشان -وجيشان من اليمن- فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة، يقال له: المزر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أومسكر هو؟» قال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر حرام؛ إن على الله عز وجل عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال»، قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: «عرق أهل النار» أو «عصارة أهل النار»
وفي الحديث: التحذير من تناول كل أنواع المسكرات