باب النهى عن كثير من الإرفاه
حدثنا الحسن بن على حدثنا يزيد المازنى أخبرنا الجريرى عن عبد الله بن بريدة أن رجلا من أصحاب النبى -صلى الله عليه وسلم- رحل إلى فضالة بن عبيد وهو بمصر فقدم عليه فقال أما إنى لم آتك زائرا ولكنى سمعت أنا وأنت حديثا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجوت أن يكون عندك منه علم. قال وما هو قال كذا وكذا قال فما لى أراك شعثا وأنت أمير الأرض قال إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ينهانا عن كثير من الإرفاه. قال فما لى لا أرى عليك حذاء قال كان النبى -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا أن نحتفى أحيانا.
أمر الشرع بالطهارة والنظافة، وحث المسلم على أن يكون منظره طيبا وهيئته حسنة، ولكن في الوقت نفسه نهى عن الاهتمام الزائد بذلك الأمر
وفي هذا الحديث يحكي عبد الله بن بريدة أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "رحل"، أي: سافر إلى فضالة بن عبيد وهو بمصر، فقدم عليه، ونزل عليه، فقال الصحابي: "أما إني لم آتك زائرا، ولكني سمعت أنا وأنت حديثا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجوت"، أي: أحببت "أن يكون عندك منه علم" وفائدة، "فقال له فضالة بن عبيد: وما هو" هذا الحديث؟ "قال: كذا وكذا، فقال" الصحابي لفضالة بن عبيد: "فما لي أراك شعثا؟"، يعني: أرى شعرك متفرقا غير مترجل، "وأنت أمير الأرض؟"، يعني: وأنت والي مصر، فبين له فضالة رضي الله عنه سبب ذلك، "فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه"، والإرفاه أن يستكثر المرء من التزين والزينة، ويشتغل بتحسين هيئته، فيضيع وقته في ذلك.
"ثم قال له: فما لي لا أرى عليك حذاء تلبسه؟ فقال له: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نحتفي"، أي: نمشي حفاة "أحيانا"، أي: في بعض الأحيان، وفي هذا أنه لم يكن ذلك حاله دائما، وإنما كان يحتفي في وقت ويلبس حذاءه في وقت آخر.
وفي الحديث: أن خير الأمور الوسط؛ لا إفراط ولا تفريط
وفيه: حرص الصحابة رضي الله عنهم على نشر العلم، وإفادة بعضهم بعضا، وحرصهم على اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم