باب: النهي عن الشرب قائما

بطاقات دعوية

باب: النهي عن الشرب قائما

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يشربن أحد منكم قائما فمن نسي فليستقئ (3). (م 6/ 111

.

لقدْ دَلَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه على كلِّ خيرٍ يَنفَعُهم في الدُّنيا والآخِرةِ، وبيَّنَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الحَلالَ والحَرامَ في كلِّ شَيءٍ؛ حتَّى يكونَ المُؤمِنُ على بيِّنَةٍ مِن أمْرِه في تَجنُّبِ الحرامِ منَ الأطعِمةِ وغيرِ ذلك.
وفي هذا الحديثِ يَنهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَشرَبَ المسلمُ وهو واقفٌ، فَمنْ نَسِيَ فشَرِب وهو واقفٌ، «فَلْيَستَقِئْ»، أي: فَلْيتكلَّفِ القَيءَ وإخراجَ ما شَرِبَه مِن بَطنِه؛ قيل: لأنَّ في الشُّربِ قائمًا ضَررًا ما، فَكُرِهَ مِن أجْلِه؛ لأنَّه يُحرِّكُ خِلطًا يكونُ القَيءُ دواءَه.
وقدْ ورَدَ في الصَّحيحينِ عن ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: «سَقَيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن زَمزَمَ، فشَرِبَ وهو قائمٌ»، وعندَ التِّرمذيِّ عن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما، والنَّسائيِّ عن عائشةَ زَوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالا: «رَأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَشرَبُ قائِمًا وقاعدًا»، وممَّا قِيلَ في الجمْعِ بيْنَ هذه الأحاديثِ وما ورَدَ في معْناها: أنَّ النَّهيَ الواردَ في الشُّربِ قائمًا نَهْيُ تَنزيهٍ، لا نَهْيُ تَحريمٍ، وأنَّ الأَوْلى للإنسانِ أنْ يَشرَبَ وهو جالسٌ، فإنْ شَرِبَ قائمًا فلا بأسَ؛ فالنَّهيُ مَحمولٌ على الإرشادِ؛ فالأفضلُ أنْ يَشرَبَ قاعدًا، وقدْ فعَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الأمرَينِ؛ للدَّلالةِ على أنَّ الأمْرَ في ذلك واسِعٌ، وذلكَ يكونُ بحَسَبِ حالِ الإنسانِ؛ فإذا احتاجَ أنْ يَأكُلَ قائمًا أو أنْ يَشرَبَ قائِمًا؛ فلا حرَجَ، وإنْ قعَدَ فهو الأفضَلُ، وقيل: إنَّ حُكمَ النَّهيِ مَنسوخٌ، وذِكرَ القَيءِ للمُبالَغةِ.