باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

بطاقات دعوية

باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر - رضي الله عنه - فقال أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن (3) أن يستجاب لكم. (م 2/ 48)

أمَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بتَخصيصِ الرُّكوعِ والسُّجودِ بالدُّعاء لا بقِراءةِ القرآنِ، وفي هذا الحديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم "كشَف السِّتارةَ"، أي: الحِجابَ الَّذِي يُوَارِي بابَ الحُجرَةِ النَّبوِيَّةِ، فرفَعه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم "والنَّاسُ صُفُوفٌ خلفَ أبي بَكْرٍ"، أي: صافُّون خلفَه للصَّلاةِ؛ وذلك أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم كان في مَرضِ موتِه فناب أبو بكرٍ رضي الله عنه إمامةَ النَّاسِ في الصَّلاةِ،
ثُمَّ قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مبشِّرًا الناسً: "إنَّه لم يَبْقَ مِن مبشِّرات النُّبوَّةِ أي: لم يَبقَ مِن بَعْد انقطاعِ الوحي بموتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، إلَّا الرُّؤيَا، أي: ما يرى الإنسانُ في منامِه، يرَاها المسلِمُ أو تُرَى له"، أي: يُريها اللهُ لعبدِه رِفقًا به؛ وتكون واضحةً للعبدِ، وربَّما كان فيها بِشارةٌ أو تنبيهٌ عن غَفلةٍ، وما شابَه ذلك، وفي هذا إقرارٌ مِن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وإعلامٌ بانقِطاعِ النُّبوَّةِ بعدَه، وأنَّه آخِرُ الأنبياءِ، ولكنْ بَقِيَتْ مِن مُبشِّراتِ النُّبوَّةِ الرُّؤيا الصَّالحةِ.
وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: "نُهِيتُ أن أقرَأَ القُرآنَ راكعًا أو ساجدًا"، أي: نَهاني ربِّي عن قراءةِ القُرآنِ في الرُّكوع والسُّجودِ؛ وذلك لأنَّ الرُّكوعَ له ذِكر مخصوصٌ، وهو كما قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "فأمَّا الرُّكوعُ فعظِّموا فيه الرَّبَّ"، أي: يُخصَّص الرُّكوعَ للتَّعظيمِ والثَّناءِ على اللهِ تعالى، وثبت أنه يقال فيه: سُبحانَ ربِّيَ العظيمِ، "وأمَّا السُّجودُ فاجتهِدوا في الدُّعاءِ، أي: يُخصَّص السُّجودُ لدُعاءِ اللهِ عزَّ وجلَّ وطلبِ الحاجةِ، فقَمِنٌ أن يُستجابَ لكم"، أي: جَدِيرٌ وحَقِيقٌ وحريٌّ أن يُستجابَ لِمَن دَعَا في سجودِه..