باب النهي عن تلقي الجلب 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: حدثنا أبو أسامة، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين
عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تلقوا الأجلاب، فمن تلقى منه شيئا فاشترى، فصاحبه بالخيار، إذا أتى السوق" (2).
لِلبَيعِ والشِّراءِ أحكامٌ وَآدابٌ في الإسلامِ يَنْبغي أنْ يَتخلَّقُ بها المُسلمُ؛ لِيَجريَ العَدلُ في المُعاملاتِ، فيَنعَمَ بالدُّنيا والآخِرةِ.
وفي هذا الحَديثِ يَنْهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم التُّجَّارَ عن تَلقِّي واستقبالِ النَّاسِ الَّذينَ يَحمِلونَ السِّلعَ مِن بَلدٍ إلى بَلدٍ، فَلا يَتلَقَّونهُم قبْلَ قُدومِهم ومَعرِفةِ سِعرِ السِّلَعِ بتِلكَ البَلدِ؛ لأنَّ هذا قدْ يَضُرُّ بالبائعِ؛ لأنَّهم قدْ يَشتَرُون منه بأَقلَّ مِن سِعرِها المعروفِ، فيقَعُ الضَّررُ على صاحبِ السِّلعةِ حيث بُخِس في ثَمنِها، ولهذا أمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مَن تَلقَّاه فاشَتَرى مِنه، ولمْ يَقِفْ عِندَ النَّهيِ، فإذا أتى «سَيِّدُه»، أي: صاحبُ السِّلعَةِ، السُّوقَ، فهو بالخِيارِ أنْ يُمضيَ البَيعَ أوْ يَستَرِدَّ بِضاعَتَه، فلَرُبَّما كانَ أجحَفَ وظَلَمَه في ثَمنِها مُقارَنةً بما هي عليه في هذا البلدِ.
وفي الحَديثِ: الحثُّ على الصِّدقِ والبَيانِ، وتَجنُّبِ الخَديعةِ في المُعامَلاتِ التِّجاريَّةِ.
وفيه: بَيانُ حِرصِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم على كلِّ ما هو خيرٌ لأُمَّتِه، ورِفقِهِ بها، حتَّى في المصالحِ الدُّنيويَّةِ.