باب النهي عن نبيذ الجر، مفردا 2
سنن النسائي
أخبرنا هارون بن زيد بن يزيد بن أبي الزرقاء، قال: حدثني أبي قال: حدثنا شعبة، عن سليمان التيمي، وإبراهيم بن ميسرة، قالا: سمعنا طاوسا، يقول: جاء رجل إلى ابن عمر قال: أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر قال: «نعم»، زاد إبراهيم في حديثه: والدباء
كانتِ العرَبُ قديمًا يَتَّخِذون أوانيَ ربَّما يكونُ لها أثَرٌ في الطَّعامِ والشَّرابِ، فجاء الإسلامُ فرشَّدَ استِخدامَها
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ سَعيدُ بنُ جُبَيرٍ أنَّه سَألَ عبدَ اللهِ بنَ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما عن نَبِيذِ الجَرِّ وحُكمِه، والجَرُّ هوَ الإناءُ المَصنوعُ مِن فَخَّارٍ، والنَّبِيذُ: نَقيعُ التَّمرِ والزَّبِيبِ ونحوِهِما قبْلَ أنْ يَشْتَدَّ ويُصبِحُ مُسكِرًا، فأجابَهُ ابنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حرَّمَ نَبِيذَ الجَرِّ، فذَهبَ سَعيدٌ لِعبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، وأَخبرَهُ بما قال ابنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما، فصَدَّقَ ابنُ عبَّاسٍ ابنَ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهم على قَولِه، وحَدَّثه بمِثلِ حَديثِه، فسَألَه سَعيدُ: وأيُّ شَيءٍ نَبيذُ الجَرِّ؟ فأجابَهُ ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: كلُّ شيءٍ يُصنَعُ مِن المَدَرِ، وهو التُّرابُ المتلبِّدُ، أو هو قِطَعُ الطِّينِ، أو هو الطِّينُ الَّذي لا يُخالِطُه رَملٌ، قيلَ: النَّهيُ عن هذه الأوعيةِ؛ لأنَّها أشدُّ وأسرَعُ في تَحويلِ النَّبِيذِ إلى خَمرٍ
وقدْ ثَبَتَ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما يَنسَخُ هذا النَّهيَ؛ ففي صَحيحِ مُسلمٍ عن بُريدةَ الأسلميِّ رَضيَ اللهُ عنه، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «نَهيتُكم عنِ النَّبيذِ إلَّا في سِقاءٍ، فاشْرَبوا في الأسْقِيةِ كلِّها، ولا تَشرَبوا مُسكِرًا»، فبيَّن أنَّ العلَّةَ ليْست إلَّا الإسكارَ؛ وهو مُحرَّمٌ، وليْس التَّحريمُ لنَفسِ الأوعيةِ