باب الوكالة فى الحدود
بطاقات دعوية
عن عقبة الحارث قال: جيء بالنعيمان أو ابن النعيمان شاربا (وفي رواية: وهو سكران، وشق عليه 8/ 13 - 14)، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كان في البيت أن يضربوا، قال: فكنت أنا فيمن ضربه، فضربناه بالنعال والجريد
شُرْبُ الخَمْرِ مِن المَعَاصِي والجَرائمِ التي تَستوجِبُ العُقوبةَ، وإقامةُ الحَدِّ على العاصي يكونُ مَطهَرةً للمُذنِبِ، وينبغي للمُجتَمَعِ أن يأخُذَ بيَدِ المُذنِبِ بعد العُقوبةِ؛ ليُبعِدَه عن طريقِ الغِوايةِ والشَّرِّ، ولا يتلَقَّوه بالمعايَرةِ والتقبيحِ.
وفي هذا الحَديثِ يروي أبو هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه جِيءَ إلى النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- برجُلٍ قدْ شَرِب خمْرًا ، والخَمرُ: كُلُّ ما كان سببًا في الإسكارِ وتَغييبِ العَقْلِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للصَّحابةِ رَضِيَ الله عنهم: «اضْرِبُوه»، ولم يُحدِّدْ لهم عدَدًا ولا صِفَةً للضَّربِ، قال أبو هُرَيْرَة رَضِيَ الله عنه: «فمِنَّا الضَّارِبُ بيَدِه، والضَّاربُ بنَعْلِه» وهو ما يُلبَسُ في القَدَمِ، «والضَّاربُ بثَوْبِه» أي: بَعْدَ فتْلِه؛ للإيلامِ. فلمَّا انصرَف الرَّجُلُ بعد الانتهاءِ مِن ضَرْبِه، قال بعضُ القومِ -قيل: هو عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ-: «أَخْزَاكَ اللهُ!» أي: أذَلَّكَ اللهُ وأهانَكَ، فنهاهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك؛ لأنَّه قدْ يكونَ هذا سببًا في غَلَبَةِ الشَّيطانِ عليه؛ لذا قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لا تُعِينوا عليه الشَّيطانَ»، وفي روايةٍ عند البُخاريِّ: «لا تَكونوا عَوْنَ الشَّيطانِ على أخيكم»؛ لأنَّ الشَّيطانَ يريدُ بتزيينِه له المعصيةَ أن يحصُلَ له الخِزْيُ، فإذا دَعَوا عليه بالخَزْيِ فكأنَّهم قد حَصَّلوا مقصودَ الشَّيطانِ، أو لأنَّه إذا سمع منكم ذلك انهمك في المعاصي، وحمله العِنادُ والغَضَبُ على الإصرارِ، فيصيرُ دعاؤُكم معونةً في إغوائِه وتسويلِه.
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن لَعْنِ شاربِ الخَمْرِ، وأنَّه ليسَ بخارجٍ مِن الملَّةِ.
وفيه: رعايةُ الشَّرعِ لأحوالِ المُذنِبِ بعد إقامةِ العُقوبةِ عليه، بعدَمِ تعييرِه بها.