باب امتحان السارق بالضرب والحبس 1
سنن النسائي
أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: حدثنا بقية بن الوليد، قال: حدثني صفوان بن عمرو، قال: حدثني أزهر بن عبد الله الحرازي، عن النعمان بن بشير، أنه رفع إليه نفر من الكلاعيين، أن حاكة سرقوا متاعا، فحبسهم أياما، ثم خلى سبيلهم، فأتوه فقالوا: خليت سبيل هؤلاء بلا امتحان ولا ضرب، فقال النعمان: «ما شئتم إن شئتم أضربهم، فإن أخرج الله متاعكم فذاك، وإلا أخذت من ظهوركم مثله»، قالوا: هذا حكمك؟ قال: «هذا حكم الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم»
عِقابُ الجاني في الإسْلامِ ينبغي ألَّا يكونَ إلَّا بما حَدَّه اللهُ سُبحانه وتَعالى من حُدودٍ، وبيَّنَتْها السُّنَّةُ الشَّريفَةُ
وفي هذا الحَديثِ: أنَّ قوْمًا "من الكَلاعِيِّين"، أي: نفَرًا من قَبيلَةِ الكَلاعِيِّين؛ وهي تقَعُ باليَمَنِ، "سُرِقَ لهم مَتاعٌ، فاتَّهَموا"، أي: أوْقَعوا التُّهَمَةَ بأُناسٍ "من الحاكَةِ"؛ وهم الَّذين يَعْملون في خِياطَةِ الثِّيابِ أنَّهم هم الَّذين سرَقوا متاعَهم، "فأَتَوا"، أي: جاء الكَلاعِيُّون إلى "النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ صاحِبِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فحبَسَهم"، أي: أدْخَل هؤلاءِ الحاكَةِ في الحبْسِ "أيَّامًا" حتَّى يظْهَرَ له صِدْقُ المدَّعِين عليهم بالسَّرِقَةِ "ثمَّ خلَّى"، أي: ترَكَ "سَبيلَهم"؛ لمَّا لمْ يظْهَرْ له شيْءٌ، "فأَتَوا"، أي: القومُ الكَلاعيُّون إلى النُّعْمانِ فقالوا: "خلَّيْتَ سَبيلَهم"، أي: ترَكْتَهم "بغيْرِ ضرْبٍ"، أي: بغيْرِ أن تضْرِبَهم "ولا امتِحانٍ"، أي: تسْألُهم وتشَدِّدُ عليهم؟! فقال النُّعْمانُ: "ما شِئتم"، أي: الَّذي أردْتُم، "إنْ شِئتم أنْ أضرِبَهم، فإنْ خرَج مَتاعُكم"، أي: إنْ ظهَرَ مَتاعُكم الَّذي سرِقَ "فذَاك، وإلَّا أخذْتُ مِن ظُهورِكم مِثلَ ما أخذْتُ مِن ظُهورِهم"، أي: إذا لم يظْهَرْ شيءٌ بسبَبِ الضَّرْبِ سأضرِبُكم كما ضرَبْتُهم
فقالوا له: "هذا حكْمُك؟"، يَعني: هلْ هذا الحُكْمُ عن اجتِهادِكَ ورأيِكَ؟ فقال لهم النُّعمانُ: "هذا حُكْمُ اللهِ وحُكْمُ رسولِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ"، أي: هذا ليس مِن عندي، وإنَّما أحْكُمُ بما جاء عنِ اللهِ وعنْ رسولِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أي: إنَّ حَبْسَ الَّذي يُتَّهمُ، وتَرْكَه إذا لم يعْترِفْ ولم توجَدْ بيِّنَةٌ على اتِّهامِهِ هو الحكْمُ الَّذي شرَعَه اللهُ سُبحانه وتَعالى ورسولُه
وفي الحَديثِ: أنَّ العِقابَ لا يكونُ إلَّا بعْد الاعتِرافِ أو البيِّنَةِ