باب بر الوالدين وصلة الأرحام 7
بطاقات دعوية
عنه - رضي الله عنه: أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: «لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك». رواه مسلم. (1)
«وتسفهم» بضم التاء وكسر السين المهملة وتشديد الفاء، «والمل» بفتح الميم، وتشديد اللام وهو الرماد الحار: أي كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن إليهم، لكن ينالهم إثم عظيم بتقصيرهم في حقه، وإدخالهم الأذى عليه، والله أعلم.
بذل الإحسان في الأقارب من جميل ما أمر به الشرع والدين الإسلامي، ومن مظاهر هذا التشريع أنه حض على صلة الرحم والبذل فيهم، وإن لم يجد الإنسان ما يرضيه عند أقاربه من الوصل له وحرصهم عليه
وفي هذا الحديث يروي أبو هريرة رضي الله عنه أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره أن له جماعة من أقاربه يصلهم لكنهم يقطعونه، أي: يأتيهم ويذهب إليهم، وهم يمتنعون عن وصله، «وأحسن إليهم» بالبر والوفاء، «ويسيؤون إلي» بالجور والجفاء، «وأحلم عنهم» أي: ما زال يعفو عن إساءتهم تلك، وما زالوا هم مستمرين بالجهل عليه بالسب والغضب، وكأن الرجل يسأل عن حكم وصل تلك الرحم بعد ما بينه من أسباب توجب مقاطعتهم، فأخبره صلى الله عليه وسلم أنه إن كان الأمر مثل ما قلت من حرصك على وصلهم والإحسان إليه مع ما فيهم من جفاء وجهالة؛ «فكأنما تسفهم»، أي: تطعمهم في أفواههم «المل» وهو: الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، وقيل: معناه: إنك بالإحسان إليهم تخزيهم وتحقرهم في أنفسهم لكثرة إحسانك وقبيح فعلهم، ولا يزال معك من عند الله «ظهير عليهم»، أي: معين لك عليهم ودافع عنك أذاهم ما دمت على ما ذكرت من إحسانك إليهم وظلوا هم على إساءتهم إليك، فوافقه النبي صلى الله عليه وسلم على وصله لهم، وكل ما ذكره من مظاهر إحسانه فيهم
وفي الحديث: الحث على صلة الرحم.
وفيه: الصبر على الإيذاء، خصوصا من الأقارب، وأن من كان كذلك أعانه المولى سبحانه وتعالى.
وفيه: مقابلة الإساءة بالإحسان مع الأقارب أو غيرهم.