[باب] بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع 4
بطاقات دعوية
عن بكر البصري أنه ذكر لابن عمر أن أنسا حدثهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل بعمرة وحجة، فقال: أهل النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحج، وأهللنا به معه، فلما قدمنا مكة؛ قال:
«من لم يكن معه هدى فليجعلها عمرة»، وكان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - هدى، فقدم علينا على بن أبى طالب من اليمن حاجا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بم أهللت؟ فإن معنا أهلك". قال: أهللت بما أهل به النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال:
"فأمسك؛ فإن معنا هديا".
للحَجِّ والعُمرةِ فَضْلٌ عظيمٌ؛ لذلك فقدْ فَصَّلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصحابِه مَناسِكَهما بفِعلِه وقولِه، وأمَرَهم أنْ يَأْخُذوا عنه مَناسِكَهم؛ لتتعلَّمَ الأُمَّةُ كلُّها بعدَهم.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أَنَسٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ عَلِيًّا رَضيَ اللهُ عنه حِينَ قَدِمَ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَكَّةَ في حَجَّةِ الوداعِ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد أرْسَلَه إلى اليمَنِ، فقَدِمَ مِن اليمَنِ، وجاء معه بما قَبَضَه وجَمَعَه مِن الخُمسِ والصَّدَقاتِ، وكان قد أهَلَّ في الطَّريقِ ونَوى الدُّخولَ في النُّسكِ، فسَأَلَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بِمَ أحْرَمْتَ؟ فأجابَه أنَّه أحْرَمَ بما أحرَمَ به النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ممَّن ساقَ الهَدْيَ، فقَرَنَ في إحرامِه بيْن العُمرةِ والحجِّ- فرَدَّ عليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَولا أنَّ مَعِي الهَدْيَ لَأحلَلتُ مِن الإحرامِ وتَمتَّعت بالعُمرةِ إلى الحجِّ؛ لأنَّ صاحِبَ الهَدْيِ لا يَتحلَّلُ حتَّى يَبلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّه، وهو يومُ النَّحرِ، والهَدْيُ اسمٌ لِما يُهدى ويُذبَحُ في الحرَمِ مِن الإبلِ والبقَرِ والغنَمِ والمَعْزِ.
وفي رِوايةٍ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ له: أَهْدِ وامْكُث على ما أنتَ عليه مِن الإحرامِ إلى الفراغِ من الحَجِّ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ الإحرامِ المُبهَمِ، ويَصْرِفُه إلى ما شاءَ مِن أنواعِ النُّسُكِ قبْلَ شُروعِه في أفعالِ النُّسُكِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ القِرانِ والتَّمتُّعِ في الحجِّ.
وفيه: بيانُ شِدَّةِ حُبِّ الصَّحابةِ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وحِرصُهم على مُتابَعتِه.