باب بنيان الكعبة

بطاقات دعوية

باب بنيان الكعبة

عن عمرو بن دينار وعبيد الله بن أبي يزيد؛ قالا: لم يكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - حول البيت حائط، كانوا يصلون حول البيت حتى كان عمر، فبنى حوله حائطا. قال عبيد الله: جدره قصير؛ فبناه ابن الزبير (22).

المَسجِدُ الحَرامُ بمكَّةَ المُكرَّمةِ هو أفضلُ المساجِدِ وأطْهرُ البِقاعِ، ويقِفُ اليومَ شامِخًا كأروَعِ ما يكونُ في جَمالِ المَبْنى، وقَداسةِ المَعْنى، وعَبْرَ تاريخِه الطَّويلِ لم يَزَلِ الخُلَفاءُ والأُمَراءُ حَريصينَ كلَّ الحِرصِ على عِمارتِه وكُلِّ ما يُساعِدُ علَى أداءِ رِسالتِه وإتْمامِ المَناسِكِ فيه.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي التَّابِعيَّانِ عَمْرُو بنُ دينارٍ وعُبَيدُ اللهِ بنُ أبي يَزيدَ عن بَدْءِ بِناءِ المَسجِدِ حَولَ الكَعْبةِ المُشرَّفةِ، فذَكَرا أنَّه لم يكُنْ على عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَولَ البَيتِ الحَرامِ حائطٌ، أي: جِدارٌ مَبنيٌّ للمَسجِدِ، وكانوا يُصلُّونَ حَولَ البَيتِ في الفَضاءِ، حتَّى كان زَمانُ خِلافةِ عُمَرَ بن الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه، فبَنى حَولَ البَيتِ حائطًا. قال عُبَيدُ اللهِ بنُ أبي يَزيدَ: «جَدْرُه قَصيرٌ»، أي: جِدارُه قَصيرٌ، فبَناه عبدُ اللهِ بنُ الزُّبَيرِ رَضيَ اللهُ عنهما مُرتفِعًا طَويلًا.
وكانتْ قُرَيشٌ وقتَ بِناءِ البيتِ قدْ قصرَت النفقةُ بهم، فتَرَكوا منَ البَيتِ ممَّا يَلي الحِجْرَ أذرُعًا؛ فلمْ يَدخُلِ الحِجرُ فيها، وكذلك قصرَت نَفَقاتُهم أنْ يَجعَلوا السَّقائفَ إلى حَولِه، وأنْ يَردُموه حتَّى يَعْلوَ، فلا يُصيبَه السَّيلُ، ولعلَّ مِن جُملةِ قُصورِ النَّفقةِ في بِناءِ الكَعبةِ القُصورُ في بِناءِ سُورٍ حولَها، وقد ترَك النبيُّ  صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إعادةَ بِناءِ البَيتِ على قواعِدِ إبراهيم ولم يُدخِل الحِجرَ في بِناءِ الكَعبةِ؛ لأنَّ قُريشًا كانوا حَديثي عَهدٍ بكُفرٍ، كما في الصَّحيحَينِ عن عائِشةَ زَوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «ألَمْ ترَيْ أنَّ قومَك حِينَ بنَوُا الكَعبةَ اقْتَصروا عن قواعِدِ إبراهيمَ! قالتْ: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أفلا تَرُدُّها على قواعِدِ إبراهيمَ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لولا حِدْثانُ قَومِك بالكُفرِ لفَعلتُ».   وأمَّا بَعدَ رُسوخِ الإسلامِ في النُّفوسِ فبدأتِ التحوُّلاتُ في أبنيةِ الكَعبةِ وما حولَها، كما في عَهدِ عُمرَ بنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه ومَن بَعدَه.