باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف

بطاقات دعوية

باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف

 حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس؛ يعدل بين اثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة

جعل الله كل أنواع الخير الذي يبذله الإنسان في حق نفسه بالعبادة، وفي حق غيره بالمعروف: من صدقات البدن وما يتمتع به من الصحة والعافية
وفي هذا الحديث يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه على كل سلامى من الناس صدقة، في كل يوم تطلع عليه الشمس، والسلامى: هي المفاصل، فكل مفصل من مفاصل الإنسان عليه صدقة لله تعالى، من فعل الطاعة والخير كل يوم، وهذه الصدقة تكون بتحركها في الطاعة، واشتغالها بالعبادة، فتركيب هذه العظام ومفاصلها من أعظم نعم الله على عبده، فيحتاج كل عظم منها إلى صدقة يتصدق بها ابن آدم عنه؛ ليكون ذلك شكرا لهذه النعمة، والمراد صدقة ندب وترغيب، لا إيجاب وإلزام؛ فإنه يكفي في شكر هذه النعم أن يأتي بالواجبات، ويجتنب المحرمات
ثم أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض وجوه الطاعات التي يتصدق بها الإنسان عن مفاصله، فذكر أن العدل بين اثنين -صلحا أو حكما- يكون صدقة، والصلح خير، لكن إن علم أن الحق لأحدهما فلا ميل عنه. ومنها: أن يعين أخاه على ركوب دابته وغيرها من وسائل النقل إن لم يستطع الركوب بنفسه، أو يعينه بوضع متاعه عليها، فتلك صدقة، والمتاع هو: ما يتمتع به في السفر من طعام وشراب وغيرهما، والمراد بالأخوة هنا الدينية لا النسبية؛ فالمسلم أخو المسلم، يرجو له من الخير ما يرجوه لنفسه، فيبذل المسلمون بعضهم لبعض كل أنواع المعروف. ومن الصدقات أيضا: الكلمة الطيبة، سواء كانت طيبة في حق الله تعالى، كالتسبيح والتكبير والتهليل، أو في حق الناس، كحسن الخلق؛ فإنها صدقة. ومنها أيضا: كل خطوة يمشيها العبد إلى الصلاة، سواء بعدت المسافة أو قصرت
ومن الصدقات: محو الأذى وإزالته عن الطريق، وهو كل ما يؤذي المارة، فإذا أميط عن طريقهم فإنه صدقة
وفي حديث مسلم الذي يرويه أبو ذر رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى»، أي: يكفي مما وجب على السلامى من الصدقات صلاة الضحى، ركعتان؛ لأن الصلاة عمل بجميع أعضاء البدن، وتشمل جميع ما ذكر من الصدقات وغيرها
وفي الحديث: بيان تعدد أنواع الخيرات والطاعات التي يصح أن تكون صدقة مقدمة لله
وفيه: الحث على فعل الطاعات فعلا مستمرا مداوما عليه
وفيه: بيان فضل الله على عباده بأن وفقهم إلى الأعمال ثم أعطاهم الأجر عليها