باب بيان وقت انقضاء الصوم وخروج النهار

بطاقات دعوية

باب بيان وقت انقضاء الصوم وخروج النهار

حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فقال لرجل: انزل فاجدح لي قال: يا رسول الله الشمس، قال: انزل فاجدح لي قال: يا رسول الله الشمس، قال: انزل فاجدح لي فنزل فجدح له، فشرب؛ ثم رمى بيده ههنا، ثم قال: إذا رأيتم الليل أقبل من ههنا فقد أفطر الصائم

من المعلوم أن الخير كل الخير في اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والشر كل الشر يأتي من الابتداع في الدين، ولما كان الصيام من أجل العبادات وأعظم القربات، كان لزاما على المسلم أن يلتزم هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه الذي حث على تعجيل الفطر
وفي هذا الحديث يروي عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، وكان صائما، فلما غربت الشمس أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا أن يجدح لهم -بأن يخلط الشعير المدقوق أو الدقيق باللبن أو الماء- وذلك ليفطروا عليه، فظن الرجل أن وقت الإفطار لم يجئ بعد، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، لو أخرت الإفطار قليلا؛ للتأكد من دخول وقت الغروب، فكرر النبي صلى الله عليه وسلم أمره وقال له: «قم فاجدح لنا»، وكرر الرجل إجابته، وفي المرة الثالثة قال له الرجل: «إن عليك نهارا»، فلم نزل في وقت النهار ولم تغرب الشمس؛ لتوهمه أن ذلك الضوء الذي يراه من النهار الذي يجب صومه، ولعله رأى كثرة الضوء من شدة الصحو، فظن أن الشمس لم تغرب، أو غطاها نحو جبل، أو كان هناك غيم، فلم يتحقق الغروب، ولو تحققه ما توقف؛ لأنه يكون حينئذ معاندا، وإنما توقفه احتياطا واستكشافا عن حكم المسألة، وفي المرة الرابعة فعل الرجل ما أمره به النبي صلى الله عليه وسلم، فشرب النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخبرهم وعلمهم أنه إذا غربت الشمس ودخل الليل من جهة المشرق -وذلك آخر النهار وأول أوقات الليل- فقد حل وقت الفطر للصائم.
وبهذا يكون تعجيل الفطر عند تحقق غروب الشمس مباشرة؛ لئلا يزاد في النهار من الليل، ولأنه أرفق بالصائم، وأقوى في قبول الرخصة، وشكر النعمة
وفي الحديث: تذكير العالم بما يخشى أن يكون نسيه، وترك المراجعة له بعد ثلاث
وفيه: جواز الصوم في السفر، وتفضيله على الفطر لمن لا تلحقه بالصوم مشقة ظاهرة
وفيه: بيان أن الأمر الشرعي أبلغ من الحسي، وأن العقل لا يقضي على الشرع