باب ثبوت الجنة للشهيد

بطاقات دعوية

باب ثبوت الجنة للشهيد

حديث أنس رضي الله عنه، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم أقواما من بني سليم إلى بني عامر، في سبعين فلما قدموا، قال لهم خالي: أتقدمكم، فإن أمنوني حتى أبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا كنتم مني قريبا فتقدم، فأمنوه فبينما يحدثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أومئوا إلى رجل منهم، فطعنه فأنفذه، فقال: الله أكبر فزت ورب الكعبة ثم مالوا على بقية أصحابه فقتلوهم، إلا رجل أعرج صعد الجبل قال همام (أحد رجال السند) فأراه آخر معه؛ فأخبر جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد لقوا ربهم فرضي عنهم وأرضاهم فكنا نقرأ أن بلغوا قومنا، أن قد لقينا ربنا، فرضي عنا، وأرضانا ثم نسخ بعد فدعا عليهم أربعين صباحا، على رعل، وذكوان، وبني لحيان، وبني عصية الذين عصوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

كان القراء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من خير الناس؛ يتعلمون القرآن ويعلمونه، وكانوا عونا للمسلمين وقت الحاجة
وفي هذا الحديث يروي أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سبعين رجلا من القراء إلى بني عامر بن صعصعة من أهل نجد؛ ليدعوهم إلى الإسلام
وقوله: «بعث النبي صلى الله عليه وسلم أقواما من بني سليم» خطأ، والصواب -كما في الصحيحين- أنهم مبعوث إليهم، والمبعوثون هم رجال من الأنصار. وكان حرام بن ملحان رضي الله عنه -خال أنس بن مالك رضي الله عنه- أميرا عليهم
فلما جاؤوا إلى بني عامر قال لهم حرام بن ملحان: «أتقدمكم؛ فإن أمنوني حتى أبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا كنتم مني قريبا»، فلما تقدم حرام بن ملحان رضي الله عنه أمنوه، فبينما هو يكلمهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أومؤوا إلى رجل منهم -والإيماء: هو الإشارة باليد أو العين أو غيرهما- فطعنه برمحه طعنة شديدة حتى نفذ من الناحية الأخرى، فقال حرام: الله أكبر! فزت ورب الكعبة، حيث نال الشهادة
ثم أخبر أنس رضي الله عنه أنهم مالوا على بقية أصحابه، فقتلوا السبعين جميعا، إلا رجلا أعرج -هو كعب بن زيد الأنصاري- صعد الجبل؛ هربا من القتل، وقوله: «فأراه آخر معه»، أي: نجا معه رجل آخر، قيل هو: عمرو بن أمية الضمري
فأخبر جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم بموتهم، وأنهم قد لقوا ربهم، فرضي عنهم وأرضاهم، قال: فكنا نقرأ -يعني في القرآن الكريم-: (أن بلغوا قومنا أن قد لقينا ربنا، فرضي عنا وأرضانا)، ثم نسخ لفظه من التلاوة بعد ذلك، وقد حزن النبي صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا، فظل يدعو على رعل وذكوان وبني لحيان وبني عصية أربعين صباحا في القنوت في صلاة الصبح، كما في الصحيحين؛ لأنهم عصوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وغدروا بأصحابه الكرام
وقد ورد عند أبي داود، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا، في الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وصلاة الصبح، في دبر كل صلاة، إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة، يدعو على أحياء من بني سليم؛ على رعل، وذكوان، وعصية، ويؤمن من خلفه»
ثم ترك الدعاء عليهم لما نزل قول الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء} [آل عمران: 128]، كما ورد في الصحيحين
وفي الحديث: الدعاء على الظالمين والغادرين ومن يؤذي المسلمين
وفيه: أن الطاعة التامة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم سبب في النجاة عند الله سبحانه والفوز برضوانه
وفيه: القنوت في النوازل والملمات
وفيه: حرص الصحابة على الشهادة، وفرحهم لنيلها
وفيه: دليل على أن أهل الحق قد ينال منهم المبطلون، ولا يكون ذلك دالا على فساد ما عليه أهل الحق، بل كرامة لهم، وشقاء لأهل الباطل