باب ثواب الطهور 2
سنن ابن ماجه
حدثنا سويد بن سعيد، حدثني حفص بن ميسرة، حدثني زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار
عن عبد الله الصنابحي، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من توضأ فمضمض واستنشق، خرجت خطاياه من فيه وأنفه، وإذا غسل وجهه خرجت خطاياه -يعني- من وجهه، حتى يخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت خطاياه من يديه، فإذا مسح برأسه خرجت خطاياه من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت خطاياه من رجليه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة" (1).
تَفضَّلَ اللهُ سُبحانَه على عِبادِه بأن جَعَلَ أداءَ العِباداتِ بشُروطِها سَببًا للمَغفرةِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرغِّبُ النَّاسَ في الطَّاعاتِ والعِباداتِ بذِكرِ الأجرِ والثَّوابِ عليها.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه إذا أرادَ أن يتَوضَّأ «العَبدُ المُسلِمُ -أوِ المُؤمِنُ-» وزيادةُ لفظةِ «العبدِ» لإفادةِ إخلاصِ العبادةِ، والشَّكُّ من أحدِ رُواةِ الحديثِ في أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: المُسلِمُ أوِ المُؤمِنُ، والمَعنى: أنَّه إذا تَوضَّأ مُستَشعِرًا أنَّه عبدٌ مُخلِصٌ مُطيعُ الأوامرِ، فإذا غَسَلَ وَجهَه خَرَجَ من وَجهِه كُلُّ خَطيئةٍ نَظَرَ إليها بعَينَيه مَع انفِصالِ الماءِ عنِ البَشَرةِ وسُقوطِه عنها، «أو مَع آخِرِ قَطْرِ الماءِ»، أي: تَخرُجُ خَطاياه من وَجهِه مع آخِرِ نُقطةِ منَ الماءِ، والشَّكُّ من أحدِ رُواةِ الحَديثِ، فالَّتي نَظَرَ إليه بعَينَيه تَخرُجُ من عَينَيه، والَّتي استَنشَقَها بأنفِه خَرَجَت من أنفِه، والَّتي نَطَقَها بفَمِه خَرَجَت من فَمِه، قيلَ: خُصَّتِ العَينُ بالذِّكرِ؛ لأنَّها طَليعةُ القلبِ ورائدُه، فإذا ذُكِرت أغنَت عن سائرِها، وقيلَ: ذُكِرت لأنَّ كلًّا منَ الفمِ، والأنفِ، والأُذنِ له طهارةٌ مَخصوصةٌ خارجةٌ عن طهارةِ الوَجهِ، فكانت مُتكفِّلةً بإخراجِ خَطاياه، بخلافِ العَينِ؛ فإنَّه ليس لها طهارةٌ إلَّا في غَسلِ الوَجهِ، فخُصَّت خَطيئتُها بالخُروجِ عندَ غَسلِه دُونَ غيرِها ممَّا ذُكِرَ.
فإذا غَسَلَ يَدَيه ذَهبَت ومُحيَت كُلُّ خَطيئةٍ اقترَفَتها وعَمِلتها يَداهُ، كالمُلامسَةِ المُحرَّمةِ وغَيرِها، «مَعَ الماءِ، أوْ مَع آخِرِ قَطْرِ الماءِ»، فإذا غَسَلَ رِجلَيه خَرجَت كُلُّ خَطيئَةٍ مَشتها رِجلاه «مَع الماءِ، أوْ مَعَ آخِرِ قَطرِ الماءِ»، حتَّى إذا انتَهَى من وُضوئه خَرَجَ نَقيًّا منَ ذُنوبِ الأعضاءِ أو جَميعِ الذُّنوبِ مِنَ الصَّغائرِ؛ لأنَّ الأدلَّةَ مُتواترةٌ على أنَّ الكبائرَ لا بُدَّ لها من تَوبةٍ.
وفي الحَديثِ: فَضلُ الوُضوءِ، وأنَّه يُكفِّرُ الذُّنوبَ.
وفيه: حَثٌّ على الإكثارِ مِنَ الوُضوءِ.