باب ثواب من توضأ كما أمر 4
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن منصور قال حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا الليث هو بن سعد قال حدثنا معاوية بن صالح قال أخبرني أبو يحيى سليم بن عامر وضمرة بن حبيب وأبو طلحة نعيم بن زياد قالوا سمعنا أبا أمامة الباهلي يقول سمعت عمرو بن عبسة يقول قلت : يا رسول الله كيف الوضوء قال أما الوضوء فإنك إذا توضأت فغسلت كفيك فأنقيتهما خرجت خطاياك من بين أظفارك وأناملك فإذا مضمضت واستنشقت منخريك وغسلت وجهك ويديك إلى المرفقين ومسحت رأسك وغسلت رجليك إلى الكعبين اغتسلت من عامة خطاياك فإن أنت وضعت وجهك لله عز و جل خرجت من خطاياك كيوم ولدتك أمك قال أبو أمامة فقلت يا عمرو بن عبسة أنظر ما تقول أكل هذا يعطى في مجلس واحد فقال أما والله لقد كبرت سني ودنا أجلي وما بي من فقر فأكذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم ولقد سمعته أذناي ووعاه قلبي من رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال الشيخ الألباني : صحيح
تَفضَّلَ اللهُ سُبحانَه على عِبادِه بأن جَعَلَ أداءَ العِباداتِ بشُروطِها سَببًا للمَغفرةِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرغِّبُ النَّاسَ في الطَّاعاتِ والعِباداتِ بذِكرِ الأجرِ والثَّوابِ عليها
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه إذا أرادَ أن يتَوضَّأ «العَبدُ المُسلِمُ -أوِ المُؤمِنُ-» وزيادةُ لفظةِ «العبدِ» لإفادةِ إخلاصِ العبادةِ، والشَّكُّ من أحدِ رُواةِ الحديثِ في أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: المُسلِمُ أوِ المُؤمِنُ، والمَعنى: أنَّه إذا تَوضَّأ مُستَشعِرًا أنَّه عبدٌ مُخلِصٌ مُطيعُ الأوامرِ، فإذا غَسَلَ وَجهَه خَرَجَ من وَجهِه كُلُّ خَطيئةٍ نَظَرَ إليها بعَينَيه مَع انفِصالِ الماءِ عنِ البَشَرةِ وسُقوطِه عنها، «أو مَع آخِرِ قَطْرِ الماءِ»، أي: تَخرُجُ خَطاياه من وَجهِه مع آخِرِ نُقطةِ منَ الماءِ، والشَّكُّ من أحدِ رُواةِ الحَديثِ، فالَّتي نَظَرَ إليه بعَينَيه تَخرُجُ من عَينَيه، والَّتي استَنشَقَها بأنفِه خَرَجَت من أنفِه، والَّتي نَطَقَها بفَمِه خَرَجَت من فَمِه، قيلَ: خُصَّتِ العَينُ بالذِّكرِ؛ لأنَّها طَليعةُ القلبِ ورائدُه، فإذا ذُكِرت أغنَت عن سائرِها، وقيلَ: ذُكِرت لأنَّ كلًّا منَ الفمِ، والأنفِ، والأُذنِ له طهارةٌ مَخصوصةٌ خارجةٌ عن طهارةِ الوَجهِ، فكانت مُتكفِّلةً بإخراجِ خَطاياه، بخلافِ العَينِ؛ فإنَّه ليس لها طهارةٌ إلَّا في غَسلِ الوَجهِ، فخُصَّت خَطيئتُها بالخُروجِ عندَ غَسلِه دُونَ غيرِها ممَّا ذُكِرَ
فإذا غَسَلَ يَدَيه ذَهبَت ومُحيَت كُلُّ خَطيئةٍ اقترَفَتها وعَمِلتها يَداهُ، كالمُلامسَةِ المُحرَّمةِ وغَيرِها، «مَعَ الماءِ، أوْ مَع آخِرِ قَطْرِ الماءِ»، فإذا غَسَلَ رِجلَيه خَرجَت كُلُّ خَطيئَةٍ مَشتها رِجلاه «مَع الماءِ، أوْ مَعَ آخِرِ قَطرِ الماءِ»، حتَّى إذا انتَهَى من وُضوئه خَرَجَ نَقيًّا منَ ذُنوبِ الأعضاءِ أو جَميعِ الذُّنوبِ مِنَ الصَّغائرِ؛ لأنَّ الأدلَّةَ مُتواترةٌ على أنَّ الكبائرَ لا بُدَّ لها من تَوبةٍ
وفي الحَديثِ: فَضلُ الوُضوءِ، وأنَّه يُكفِّرُ الذُّنوبَ
وفيه: حَثٌّ على الإكثارِ مِنَ الوُضوءِ