باب جلد الأمة إذا زنت
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير (1) قال ابن شهاب لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة. (م 5/ 124)
تَستحِقُّ الأَمَةُ المَملوكةُ نِصفَ الحدِّ الَّذي يَجِبُ على المرأةِ الحُرَّةِ إنِ ارتكَبَتْ فاحشةَ الزِّنى؛ قال تعالَى: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25]، ومُرتكِبُ الزِّنى إذا عُوقبَ بِالحدِّ، ثُمَّ زَنى مَرَّةً أُخرى فإنَّه يُقامُ عليه الحدُّ مرَّةً أُخرى، وهكذا.
وفي هذا الحديثِ يَأمُرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَن كان عندَه أَمَةٌ -وهي المرأةُ المَملوكةُ- ثُمَّ زَنَتْ وتَبيَّنَ زِناها -سَواءٌ بِالبيِّنةِ، أو بالحَمْلِ، أو بِاعترافِها- أنْ يُقيمَ عليها الحدَّ -وهو خَمْسونَ جَلْدةً-، ولا يُثَرِّبَ عليها، فلا يَلومَها ولا يُوبِّخَها؛ لأنَّ الحدَّ كفَّارةٌ لِلذَّنبِ، ثُمَّ إنْ تكرَّرَ منها الزِّنى أقامَ عليها الحدَّ ولا يَلومُها أيضًا، ثُمَّ إنْ زَنَتْ مرَّةً ثالثةً فإنَّه يَبيعُها ولو بِحَبْلٍ مِن شَعرٍ، أي: بعْدَ جَلْدِها حَدَّ الزِّنا، ولم يَذكُرْه اكتفاءً بما قبْلَه، فيَبيعُها بأيِّ ثَمنٍ ولو كان رَخيصًا ليس له قِيمةٌ، وهذا مُبالَغةٌ في التَّحريضِ على بَيعِها وليس مِن بابِ إضاعةِ المالِ، وهذا التَّحريضُ؛ لأنَّها أصبَحَت فاسقةً يَصعُبُ صَلاحُها عندَه، وعلى المسلمِ الصَّالحِ تَرْكُ مُخالَطةِ الفُسَّاقِ وأهلِ المَعاصي وفِراقُهم، فيَبيعُها، لعلَّها تَستعِفُّ عندَ المُشتري بأنْ يُعِفَّها بنفْسِه، أو يَصونَها بهَيبتِه، أو بالإحسانِ إليها والتَّوسعةِ عليها، أو يُزوِّجَها، أو غيرُ ذلك.
وفي الحديثِ: أنَّ السَّيِّدَ يُقِيمَ الحدَّ على عبْدِه وأَمَتِه.
وفيه: التَّنبيهُ على تَرْكِ تَوبيخِ صاحبِ المَعصيةِ خاصَّةً إذا أُقِيمَ عليه الحدُّ.