باب ذبح النبي - صلى الله عليه وسلم - الضحية عنه وعن آله وأمته

بطاقات دعوية

باب ذبح النبي - صلى الله عليه وسلم - الضحية عنه وعن آله وأمته

عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتي به ليضحي به فقال لها يا عائشة هلمي المدية ثم قال اشحذيها بحجر ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ثم ضحى به. (م 6/ 78

النَّحرُ والأُضحيَّةُ مِن شَعائرِ اللهِ يومَ عيدِ الأضْحَى، وفيه تَقرُّبٌ إلى اللهِ بالأضاحيِّ، وتَشبُّهٌ بالحُجَّاجِ الَّذين أهْدَوا إلى البيتِ وذَبَحوا تَقرُّبًا للهِ، وقدْ علَّمَ النَّبيُّ الكريمُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه سُننَ وآدابَ الأُضحيَّةِ.
وفي هذا الحديثِ تَرْوي أمُّ المؤمِنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُضحِّي، وكان يَذبَحُ بنَفْسِه، فَقدْ أَمَرَ بِكَبْشٍ، وهُوَ الذَّكَرُ منَ الضَّأنِ، أقرَنَ، وهو الَّذي له قَرْنانِ، يَطأُ في سَوادٍ، أي: إنَّ قَوائمَه لَونُها أَسودُ وكَذلكَ البطنُ، وهُو مَعنى قَولِه: «ويَبرُكُ في سَوادٍ»، وقَولُه: «يَنظُرُ في سَوادٍ» معناه أنَّ عَيْنَه وما حَولَها لَونُها أَسودُ كذلك، وقيل: إنَّ هذه المواضعَ منها سُودٌ وما عَداها أبيَضُ، واختارَ ذلك لحُسنِ مَنظَرِه وشَحمِه وطِيبِ لَحْمِه؛ لأنَّه نوعٌ يَتميَّزُ عن جِنسِه.
فلمَّا أُتِيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهذا الكبْشِ، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لعائشَةَ: هَلُمِّي، أي: أعْطِيني المُديةَ، وهي السِّكِّينُ الَّتي سيَذبَحُ بها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الكَبْشَ، فلمَّا أَتَتْهُ بها قال: اشْحَذِيها، أي: حَدِّدِيها بحَجَرٍ؛ وذَلكَ لِيكونَ أَرْفَقَ بالكَبْشِ عندَ ذَبحِه بالإجهازِ عليها وتَركِ التَّعذيبِ، ثُمَّ أخَذَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ السِّكِّينَ، وأخَذَ الكَبشَ فأَضْجَعَه، أي: أنامَهُ على جَنبِه على الأرضِ وأراحَهُ، وهَذا منَ الرِّفقِ به، وفيه أنَّ شَحْذَ السِّكِّينِ يَكونُ قَبْلَ إِضجاعِ الحَيوانِ للذَّبحِ، وهذا مِنَ الرِّفقِ به أيضًا، ثُمَّ ذَبحَه، ثُمَّ قال: بِسمِ اللهِ. وهذا الكَلامُ فيه تَقديمٌ وتَأخيرٌ، أي: إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَضجَعَ الكَبْشَ ثُمَّ ذَبحَه قائلًا: بِسمِ اللهِ.
وقَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (اللَّهمَّ تَقَبَّلْ مِن محمَّدٍ وآلِ مُحمَّدٍ ومِن أُمَّةِ مُحمَّدٍ) دُعاءٌ بقَبولِ العَملِ مِنه ومِن آلِه ومِن أُمَّتِه.
وفي الحديثِ: أنَّ المُضحِّيَ له أنْ يُباشِرَ الذَّبْحَ بنَفسِه.
وفيه: الأمرُ بِسَنِّ آلةِ الذَّبحِ.
وفيه: أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضَحَّى عن نَفسِه وعن آلِه وأُمَّتِه ممَّن لم يُضَحِّ منهم.