باب ذكر الموت والاستعداد له4

سنن ابن ماجه

باب ذكر الموت والاستعداد له4

حدثنا عمران بن موسى الليثي، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثنا عبد العزيز بن صهيب
عن أنس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنيا الموت، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي" (1)

المؤمِنُ يُسَلِّمُ أمْرَه لقضاءِ اللهِ ويرضى به، فإذا رَضِيَ تمامَ الرِّضا فله الأجرُ والثَّوابُ، أمَّا الغافِلُ الذي يَسخَطُ على القضاءِ، فلا قُوَّةَ له تمنعُ قَضاءَ اللهِ وقَدَرَه، ومع ذلك فإنَّه يعاقَبُ على سَخَطِه هذا؛ ولذلك نهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ عن أنْ يَتمنَّى أحدٌ الموتَ نَتيجةَ إصابتِه بضَررٍ دُنيويٍّ؛ فإنْ كان لا بُدَّ فاعلًا، أي: فإنْ ضاقتْ به الأحوالُ واشتدَّتِ النَّوائبُ حتَّى اضطرَّتْه أنْ يَتمنَّى شَيئًا تَنفيسًا عن نفْسِه وابتغاءً لفَرَجِ الله، «فلْيَقُلِ: اللَّهمَّ أَحْيِني ما كانتِ الحياةُ خَيرًا لي»، أي: ارزُقني الحياةَ إذا كان في سابقِ عِلمِك أنَّ الحياةَ تكونُ زِيادةً لي في الخيرِ؛ مِن التَّزوُّدِ مِن الأعمالِ الصَّالحةِ، والبرِّ، ونحوِ ذلك، «وتَوَفَّني إذا كانتِ الوفاةُ خيرًا لي»، أي: أمِتْني إذا كُنتَ تَعلَمُ أنَّ الوفاةَ فيها خَيرٌ لي، وهذا نوعُ تفويضٍ وتسليمٍ للقضاءِ، فيَترُكُ الاختيارَ للهِ سُبحانه وتعالَى، وفي بعضِ الرِّواياتِ عند مسلمٍ: «واجعَلِ الحياةَ زيادةً لي في كُلِّ خيرٍ، واجعَلِ الموتَ راحةً لي مِن كُلِّ شَرٍّ»؛ وذلك لأنَّه إذا مات الإنسانُ انقطع أَمَلُه وعَمَلُه، وزيادةُ العُمُرِ لا تزيدُ المؤمِنَ إلا خيرًا، فنهى عن تمنِّي الموتِ؛ لأنَّه في معنى التبَرُّمِ عن قضاءِ اللهِ في أمرٍ مَنفَعتُه عائدةٌ على العبدِ في آخِرتِه.
وفي الحَديثِ: أنَّه يُستحَبُّ للعَبدِ المؤمِنِ إذا اشتدَّت عليه الكُروبُ أن يصبرَ، ويلجَأَ إلى اللهِ بالتضَرُّعِ والدُّعاءِ.