باب رغم أنف من أدرك أبويه أو أحدهما عند الكبر فلم يدخل الجنة
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه قيل من يا رسول الله قال من أدرك والداه عند الكبر أحدهما أو كلاهما (2) فلم يدخل الجنة. (م 8/ 5 - 6)
البِرُّ بالوالِدَينِ بابٌ واسِعٌ للنَّجاةِ منَ النارِ، والفَوزِ بالجنَّةِ؛ ولهذا أكَّدَت تَعاليمُ الإسلامِ البِرَّ بالوالِدَينِ، مع التَّحذيرِ مِن عُقوقِهما
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «رَغِمَ أَنْفُ»، أي: لُصِقَ أَنْفُه بِالرَّغامِ، وهو التُّرابُ المختلِطُ بِالرَّملِ، والمرادُ به: الذُّلُّ والخزيُّ، وكرَّرها ثلاثًا؛ زِيادةً في التَّنفيرِ والزَّجرِ عمَّا يُذكَرُ بعْدَه، فَسُئِلَ: مَن هذا يا رسولَ الله؟ فَأجابَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَن أدركَ وَالدِيْه -أحدَهما أوْ كَليْهِما- عندَ الكِبَرِ، فَلَمْ يَدخُلِ الجنَّةَ»؛ وذلكَ بِسَببِ عُقوقِهما، فَبِرُّهما عِندَ كِبَرهِما وضَعفِهما بِالخدمةِ والنَّفقةِ وغيرِ ذلك؛ سَببٌ لِدخولِ الجنَّةِ، فَمَنْ قَصَّرَ في ذلك فاتَهُ دُخولُها، واستَحقَّ سُوءَ العاقبةِ
وخُصَّ حالةَ الكِبَرِ بالذِّكرِ مع أنَّ بِرَّ الوالدَينِ يَنْبغي المُحافظةُ عليه في كلِّ وقتٍ، وفي كُلِّ حالةٍ؛ لأنَّه أحْوجُ الأوقاتِ إلى حُقوقِهِما؛ لشِدَّةِ احتياجِهما إلى البِرِّ والخِدمةِ في تِلكَ الحالةِ
وقدْ ورَدَ في القرآنِ بَيانُ وكَيفيَّةُ التَّعامُلِ مع الوالدينِ؛ فقال اللهُ تعالَى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23 - 24]؛ فقد أمَرَ اللهُ تعالَى وأوجَبَ ووصَّى بعِبادتِه وحْدَه، وبالإحسانِ إلى الوالِدَينِ، فإنْ عاشَا حتَّى كَبِرَت سِنُّهما وضَعُفَت قُواهما -أحدُهما أو كِلاهما-؛ فلا يَجوزُ التَّأفُّفُ وإظهارُ التَّضَجُّرِ منهما، ولا يَجوزُ انتهارُهما وإغلاظُ القولِ لهما، بلِ الواجِبُ على الابنِ أنْ يَقولَ لهما قَولًا حَسَنًا لَيِّنًا، رَقيقًا جَميلًا يُفرِحُهما، فيه تأدُّبٌ معهما، وتلَطُّفٌ لهما، وعليه أنْ يكونَ ذَليلًا مُتواضِعًا لوالِدَيه؛ رَحمةً منه بهما، فلا يُخالِفَهما فيما يَأمُرانِه به ويَنهيانِه عنه مِمَّا ليس فيه مَعصيةٌ للهِ تعالَى، وأنْ يَدْعوَ لهما بالرَّحمةِ؛ جَزاءً لهما على تَربيتِهما له في صِغَرِه
وفي الحديثِ: فضْلُ برِّ الوالدَيْنِ وأنَّه مِن أسبابِ دُخولِ الجنَّةِ