باب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي وتكون مكة عن يساره ويكبر مع كل حصاة

بطاقات دعوية

باب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي وتكون مكة عن يساره ويكبر مع كل حصاة

حديث عبد الله بن مسعود عن الأعمش، قال: سمعت الحجاج يقول على المنبر: السورة التي يذكر فيها البقرة، والسورة التي يذكر فيها آل عمران، والسورة التي يذكر فيها النساء، قال: فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: حدثني عبد الرحمن ابن يزيد، أنه كان مع ابن مسعود رضي الله عنه، حين رمى جمرة العقبة، فاستبطن الوادي، حتى حاذى بالشجرة اعترضها، فرمى بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة ثم قال: من ههنا، والذي لا إله غيره، قام الذي أنزلت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وسلم

الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم مناسك الحج بأقواله وأفعاله، ونقلها لنا الصحابة الكرام رضي الله عنهم كما تعلموها منه صلى الله عليه وسلم
وفي هذا الحديث يذكر التابعي الأعمش سليمان بن مهران، أنه سمع الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق في زمن بني أمية يقول على المنبر: «السورة التي يذكر فيها البقرة، والسورة التي يذكر فيها آل عمران، والسورة التي يذكر فيها النساء». ولم يقل: سورة البقرة، وسورة آل عمران، وسورة النساء. وفي رواية النسائي: «سمعت الحجاج يقول: لا تقولوا: سورة البقرة، قولوا: السورة التي يذكر فيها البقرة».
فذكر الأعمش ما سمعه من الحجاج لإبراهيم النخعي استيضاحا للصواب، ولم يقصد الأعمش الرواية عن الحجاج؛ فلم يكن بأهل لذلك، وإنما أراد أن يحكي القصة، ويوضح خطأ الحجاج فيها بما ثبت عمن يرجع إليه في ذلك، فحدثه إبراهيم أن عبد الرحمن بن يزيد أخبره أنه حج مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وكان معه حين رمى جمرة العقبة يوم النحر، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، وهي الجمرة الكبرى، وتقع في آخر منى تجاه مكة، وليست من منى، بل هي حد منى من جهة مكة، قال: «فاستبطن الوادي»، أي: وقف في وسطه، حتى إذا حاذى الشجرة وقابلها -وهذه الشجرة ليست موجودة الآن- جاءها من عرضها، فرمى الجمرة بسبع حصيات، يقول: «الله أكبر» مع كل حصاة يرميها، وفي رواية مسلم: «فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إن الناس يرمونها من فوقها»، فقال: من هاهنا -وأشار إلى بطن الوادي- قام الذي أنزلت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وسلم، وأقسم ابن مسعود على ذلك بالله الذي لا إله غيره، تأكيدا لقوله ونقله عن النبي صلى الله عليه وسلم
وتخصيص ابن مسعود سورة البقرة بالذكر في قسمه دون غيرها؛ قيل: يشير إلى إن كثيرا من أفعال الحج مذكور فيها، فكأنه قال: هذا مقام الذي أنزلت عليه أحكام المناسك، منبها بذلك على أن أفعال الحج توقيفية، وقيل: لطولها وعظم قدرها، وكثرة ما تحوي من الأحكام
ومراد إبراهيم النخعي من هذا الحديث: قول ابن مسعود رضي الله عنه: «سورة البقرة»، ولم يقل: «السورة التي ذكرت فيها البقرة» كما قال الحجاج الثقفي؛ ففي هذا رد عليه ورفض لقوله ولقول من قالوا: لا يقال سورة البقرة، وإنما يقال: السورة التي تذكر فيها البقرة
وفي الحديث: رمي الجمار من بطن الوادي، والتكبير مع كل حصاة
وفيه: مشروعية الحلف لتأكيد الكلام
وفيه: إنكار أهل العلم على ولاة الأمر بطريقة مناسبة