باب زواج زينب بنت جحش ونزول الحجاب وإثبات وليمة العرس

باب زواج زينب بنت جحش ونزول الحجاب وإثبات وليمة العرس

حديث أنس بن مالك، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا مر بجنبات أم سليم، دخل عليها فسلم عليها ثم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، عروسا بزينب، فقالت لي أم سليم: لو أهدينا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، هدية فقلت لها: افعلي فعمدت إلى تمر وسمن وأقط، فاتخذت حيسة في برمة، فأرسلت بها معي إليه؛ فانطلقت بها إليه فقال لي: ضعها ثم أمرني، فقال: ادع لي رجالا سماهم وادع لي من لقيت قال: ففعلت الذي أمرني، فرجعت فإذا البيت غاص بأهله فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع يديه على تلك الحيسة، وتكلم بها ما شاء الله، ثم جعل يدعو عشرة عشرة يأكلون منه، ويقول لهم: اذكروا اسم الله، وليأكل كل رجل مما يليه قال: حتى تصدعوا كلهم عنها فخرج منهم من خرج، وبقي نفر يتحدثون قال: وجعلت أغتم ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم نحو الحجرات، وخرجت في إثره، فقلت: إنهم قد ذهبوا؛ فرجع فدخل البيت، وأرخى الستر، وإني لفي الحجرة وهو يقول: (يأيها الذينءامنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق)
قال أنس: إنه خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين

كان النبي صلى الله عليه وسلم طيب الشمائل حسن العشرة
وفي هذا الحديث يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: "خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي: أف قط" و"أف" كلمة تبرم، أي: إنه لم يتضجر مني في شيء قط، "وما قال لي لشيء صنعته: لم صنعته؟ ولا لشيء تركته: لم تركته؟"، والمعنى: لم يقل لشيء صنعته من نفسي من غير أمر به: لم صنعته؟ ولا لشيء لم أصنعه، وكنت مأمورا به: لم لم تصنعه؟ بالتوبيخ أو اللوم على ترك الفعل، وترك اعتراض النبي صلى الله عليه وسلم على أنس رضي الله تعالى عنه فيما خالف أمره، محمول على ما يتعلق بالخدمة لا فيما يتعلق بالتكاليف الشرعية؛ فإنه لا يجوز ترك الاعتراض فيه، ويفهم منه: أن أنسا لم يرتكب أمرا يتوجه إليه فيه من النبي صلى الله عليه وسلم اعتراض
قال أنس رضي الله عنه: "وكان رسول الله من أحسن الناس خلقا"، أي: كان أفضل الناس اتصافا بمعالي الأخلاق قولا وعملا مع كل الخلق حتى مع الحيوانات والجمادات؛ وذلك لكونه أكمل الناس إيمانا. وحسن الخلق من صفات الأنبياء والأولياء الصالحين، وهو اعتدال الأخلاق بين طرفي مذمومها، ومخالفة الناس بالجميل منها، والبشر والتودد لهم، والإشفاق عليهم، والاحتمال والحلم والصبر فى المكاره، وترك الاستطالة والكبر على الناس والمؤاخذة، واستعمال الغضب، والسلاطة والغلظة
قال: "ولا مسست خزا ولا حريرا ولا شيئا كان ألين من كف رسول الله"، وهذا من تمام صفاته الجسدية؛ فقد كان جميل الجسم والجلد مع القوة والفتوة، "ولا شممت مسكا قط ولا عطرا كان أطيب من عرق النبي"، وهذا أيضا من حسن شمائل النبي صلى الله عليه وسلم