باب سنة الجلوس في التشهد
بطاقات دعوية
عن عبدِ الله بنِ عبدِ الله (يعني ابن عمر) أنَّه أخبَرَه أنَّه كانَ يَرى عبدَ الله بنَ عُمَر رضي الله عنهما يتَربَّعُ في الصَّلاةِ إذا جَلَسَ، ففَعلتُهُ وأنا يومَئذٍ حديثُ السِّنِّ، فنهَاني عبدُ الله بنُ عُمرَ، وقالَ:
إنَّما سنَّةُ الصَّلاةِ أنْ تَنصِبَ رجْلَكَ اليُمنى، وتَثْني اليُسرى. فقلتُ: إنكَ تَفعلُ ذلكَ، فقالَ: إنَّ رجْلَيَّ لا تَحمِلاني.
تبليغُ الدِّينِ وتعليمُه للنَّاسِ واجبٌ على كُلِّ مسلمٍ بقَدرِ عِلمِه واستِطاعتِه، ولا يَمتنِعُ المسلمُ عن البلاغِ إنْ عجَز عن التَّطبيقِ بنفْسِه لِمَرضٍ أو ضَعفٍ أو نحوِ ذلك مِن الأعذارِ.
وفي هذا الحَديثِ أنَّ التابعيَّ عبدَ اللهِ بنَ عبدِ الله بنِ عُمرَ رأَى أباهُ رَضيَ اللهُ عنه وهو يَتربَّعُ في الصَّلاةِ إذا جلَس لِلتَّشهُّدِ، وهَيْئةُ التَّربُّعِ أن يَقعُدَ على مَقعَدتِه ويَثْنيَ رِجْليهِ اليُمنى واليُسرى ويجلِسَ عليهما، فتصيرَ كأنَّها أربعٌ، ولَمَّا رآه ابنُه عبدُ الله يتربَّعُ في الصَّلاةِ، تَبِعه في ذلك وفعَل مِثلَ فِعلَه، فنهاهُ ابنُ عمرَ رَضيَ اللهُ عنهما عن ذلك، وحينَ قال له: إنَّك تفعَلُه، أخبَرَه بعُذرِه، وهو أنَّ رِجْلَيه لا تحمِلانِه إمَّا لِضَعفِ كِبَرٍ أو لِمَرضٍ، وأخبَره أنَّ السُّنَّةَ أن يَنصِبَ رِجْلَه اليُمنى، ويَثْنيَ اليُسرى ويَجلِسَ عليها. وهذه صِفةُ الجُلوسِ للتَّشهُّدِ الأوَّلِ إذا كانتِ الصَّلاةُ رُباعيَّةً، وأمَّا التشهُّدُ الأخيرُ فالسُّنَّةُ فيه التَّورُّكُ؛ لحديثِ البُخاريِّ عن أبي حُمَيدٍ السَّاعِديِّ رَضيَ اللهُ عنه: «فإذا جَلَس في الرَّكْعتَينِ جَلَس على رِجْلِه اليُسْرى، ونَصَب اليُمنَى، وإذا جَلَس في الرَّكعةِ الآخِرةِ قَدَّم رِجْلَه اليُسرَى، ونَصَب الأُخْرى، وقَعَد على مَقْعَدتِه».