باب صلاة التطوع على الحمار
بطاقات دعوية
عن أَنس بنِ سِيرِينَ قالَ: استقبلْنا أَنساً حينَ قدِمَ من الشَّأْمِ، فلقِيناهُ بـ (عَينِ التَّمْر)، فرأيته يصلي على حمارٍ، ووَجهُه من ذا الجانبِ، (يَعني عن يسارِ القِبلةِ)، فقلتُ: رأيتُك تصَلي لغيرِ القِبلةِ؟ فقالَ: لوْلا أني رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فعَلَه لم أَفعلْهُ.
كان حِرْصُ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم على اتِّباعِ سُنَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَظيمًا جَليلًا؛ فلم يكُنْ أحدُهُم يَفعَلُ فِعلًا أو يَعمَلُ عمَلًا إلَّا وله فيه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُنَّةٌ أو هَدْيٌ، لا سيَّما الصَّلاةِ التي أفعالُها تَوقيفيَّةٌ، نصَّ عليها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقَولِه وفِعلِه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ أنَسُ بنُ سِيرينَ أنَّهم استَقبَلوا أنسَ بنَ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه وهو عائدٌ مِن الشَّامِ، فالْتَقَوا به عندَ «عَيْنِ التَّمْرِ»، وهي بَلدةٌ تقَعُ غربِي مُحافظةِ الأنبارِ أكبرِ مُحافظاتِ العِراقِ، فرَأَوه يُصلِّي على حِمارٍ وهو مُتوجِّهٌ يَسارَ القِبلةِ وليس في اتِّجاهِ القِبلةِ، فسَأَلَه أنسُ بنُ سِيرينَ مُتعجِّبًا: رَأَيتُكَ تُصلِّي غَيرَ مُستقبِلِ القِبلةِ؟! فأجابَه أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه بقولِه: لولا أنِّي رَأيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّي على دابَّتِه إلى غَيرِ القِبلةِ ما كُنتُ لِأفْعَلَ، وإنَّما كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفعَلُ ذلك في النَّوافِلِ والسُّننِ، وليس في الفَرائضِ، كما ثبَتَ في صَحيحِ البُخاريِّ عن ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ صَلاةِ النافلةِ في وَسائلِ المُواصلاتِ ولو في غَيرِ اتِّجاهِ القِبلةِ.
وفيه: بَيانُ التَّيسيرِ في العِباداتِ، وخاصَّةً الصَّلاةَ.