باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود
حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن جعفر بن الحكم، ح وحدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن جعفر بن عبد الله الأنصاري، عن تميم بن محمود، عن عبد الرحمن بن شبل، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير»، هذا لفظ قتيبة
الطمأنينة في الصلاة ركن من أركانها، والخشوع والتدبر روحها، والمسلم مأمور بهذا في كل صلاته، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من الأمور التي ينبغي البعد عنها في الصلاة وفي المساجد، وعلمنا الهيئات الصحيحة في الصلاة وكيفية الخشوع فيها، كما نهانا عن الهيئات المستقبحة
وهذا الحديث يوضح جانبا من ذلك؛ حيث يقول عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقرة الغراب"، أي: نهى عن الصلاة السريعة غير المطمئنة التي لا يؤدي فيها المصلي الصلاة بخشوع وخضوع، ولا يأتي بها على الوجه الأكمل لها، وخاصة عند السجود فلا يطمئن في سجوده، بل يضع رأسه ويرفعه سريعا مثل الغراب الذي ينقر الأرض، "وافتراش السبع"، أي: نهى عن مد المصلي ذراعيه على الأرض وهو ساجد، وهذه هيئة السباع عند جلوسها ولا توحي بالوقار والخشوع والتذلل لله في الصلاة، بل يرفع مرفقيه عن الأرض مباعدا بهما عن جانبيه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل
"وأن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير"، أي: ونهى أن يعتاد الرجل الصلاة في مكان ثابت في المسجد ولا يغيره كأنه بعير يعرف مكان جلوسه لا يغيره؛ ولعل من حكمة ذلك: أن في تغيير الأماكن تكثيرا لمواضع الصلاة والسجود في المسجد، فتشهد هذه الأماكن لمن صلى فيها أو عليها. وأيضا لأن اتخاذ مكان معين في المسجد قد يصير العبادة طبعا فيه وتثقل في غيره، والعبادة إذا صارت طبعا فسبيلها الترك، أو تفقد لذة العبادة بكثرة الإلف والحرص على هذا المكان بحيث لا يدعوه إلى المسجد إلا موضعه