باب فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه
بطاقات دعوية
حديث عائشة عن مسروق، قال: دخلنا على عائشة، وعندها حسان بن ثابت، ينشدها شعرا، يشبب بأبيات له، وقال:
حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
فقالت له عائشة: لكنك لست كذلك قال
مسروق: فقلت لها لم تأذني له أن يدخل عليك وقد قال الله تعالى (والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم) فقالت: وأي عذاب أشد من العمى قالت له: إنه كان ينافح، أو يهاجي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما وقعت حادثة الإفك، وتكلم المنافقون في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، واتهموها في عرضها؛ كان من الذين تكلموا في الحادثة بعض المؤمنين الصادقين، ولم يقصدوا بذلك الطعن في أم المؤمنين رضي الله عنها، وإنما رددوا ما قيل فقط، وكان من هؤلاء المؤمنين حسان بن ثابت رضي الله عنه
وفي هذا الحديث يخبر التابعي مسروق بن الأجدع أنه وبعض أصحابه دخلوا على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فوجدوا عندها حسان بن ثابت رضي الله عنه يذكر بعض الأبيات التي فيها مدح لها، وذكر محاسن خصالها، وكان من هذه الأبيات: «حصان رزان ما تزن بريبة»، أي: عفيفة صاحبة وقار لا تتهم بالشك والظن لعفتها، «وتصبح غرثى من لحوم الغوافل»، أي: تصبح جائعة من لحوم المؤمنات الغافلات، والمقصود أنها لا تغتاب أحدا، فلا تأكل من لحمه، كما أخبر تعالى عن المغتاب: {أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا} [الحجرات: 12]
فلما قال حسان رضي الله عنه هذا البيت، قالت له أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «ولكنك لست كذلك»، أي: إنك لم تفعل ذلك؛ لأنك تكلمت فيما تكلم به الناس من اتهامي. فقال لها مسروق: لم تأذنين له أن يدخل عليك وقد قال تعالى: {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} [النور: 11]؟ فقالت: «وأي عذاب أشد من العمى؟!» وذلك لأن حسان رضي الله عنه قد أصيب بالعمى، ثم ذكرت أنه كان ينافح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أي: يدافع عنه، وقد كان حسان رضي الله عنه هجا قريشا بالشعر، لما هجت النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين-: «اهجهم وجبريل معك»
ولم يكن حسان بن ثابت رضي الله عنه هو الذي تولى كبر حادثة الإفك، أي: الذي حمل أعظم ذنبه، وإنما المقصود من الآية عبد الله بن أبي ابن سلول كبير المنافقين بالمدينة