باب فضل الرباط في سبيل الله
بطاقات دعوية
عن سلمان - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان (1). (م 6/ 51
الخروجُ للجِهادِ في سَبيلِ اللهِ مِن أعظَمِ الأعمالِ قُرْبةً إلى اللهِ، وهو مِن كَمالِ الإيمانِ وتَمامِه، وبالجهادِ تَرتفِعُ كَلمةُ اللهِ ويُنشَرُ دِينُه، ويُحفَظُ على المسْلِمين وَحْدتُهم وقُوَّتُهم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ رِباطَ يومٍ وليلةٍ -والمُرابِطُ في سَبيلِ اللهِ تعالَى هو الَّذي يُلازِمُ حُدودَ بِلادِ المُسلِمينَ مع بلادِ الكُفَّارِ لِحراسَتِها، فهو الإقامةُ في الثُّغورِ- وكان ذلكَ في سَبيلِ اللهِ، بِنِيَّةٍ صادقةٍ وإخلاصٍ للهِ سُبحانه؛ كان أجرُ هذه اللَّيلةِ له أفْضَلَ مِن أجرِ التَّنفُّلِ والتَّطوُّعِ بصِيامِ شَهرٍ وقيامِ لَيلِه بالصَّلاةِ، ويُخبِرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ المُرابطَ في سَبيلِ اللهِ لو ماتَ على تلك الحالِ، كَتَبَ اللهُ له مِنَ ثَوابِ العملِ مِثلَ ما كان يَعمَلُه في حالِ رِباطِه، ويَستمِرُّ ذلك الأجرُ ويَنْمو إلى يومِ القيامةِ، ويُخبِرُ أيضًا أنَّ المُرابطَ إذا ماتَ أُجرِيَ عليه رِزقُه إلى يومِ القيامَةِ، فيُكتَبُ له في كِتابِ حَسناتِه، مع أنَّ الإنسانَ يَنقطِعُ عَملُه بمَوتِه، غيْرَ أنَّ اللهَ سُبحانَه وتَعالَى أجْرى لهذا المرابطِ الأجرَ فضْلًا منه وكَرمًا، فيكونُ عندَ ربِّه منَ الأحياءِ الَّذين يُرزَقون عِندَ ربِّهم، كما قال تعالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]، فأَرْواحُهم في حَواصِلِ طَيرٍ خُضرٍ تَأكُلُ مِنَ الجَنَّةِ حيثُ شاءَتْ، فيَطعَمُ مِن طَعامِ الجنَّةِ، ويَشرَبُ مِن شَرابِها.
وأخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أيضًا أنَّ المرابطَ يَأمَنُ الفَتَّانَ، أي: سؤالَ المَلَكين في القَبرِ، أو أنَّ الملَكَينِ لا يَضُرَّانِه، ولا يُزعِجانِه، وقدْ نالَ المُرابِطُ في سَبيلِ اللهِ جميعَ هذا الأجْرَ؛ لِمَا فيه مِنَ تَقديمِ النَّفسِ والمالِ مِن أجْلِ حِفظِ الإسلامِ والمُسلِمينَ.
وفي الحديثِ: بَيانُ فَضلِ الرِّباطِ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ.