باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله
بطاقات دعوية
حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لغدوة أو روحة في سبيل الله خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب
لما كان الجهاد في سبيل الله من أفضل الأعمال، كانت الشهادة في سبيل الله من أكثر الأعمال التي يثاب عليها المرء
وفي هذا الحديث يروي أنس بن مالك رضي الله عنه أن الصحابية أم حارثة الربيع بنت النضر رضي الله عنها -وهي عمة أنس بن مالك، وحارثة هو ابنها من سراقة بن الحارث بن عدي الأنصاري-، أتت النبي صلى الله عليه وسلم عندما استشهد حارثة رضي الله عنه يوم بدر بسهم لم يعرف مصدره، وكانت بدر في السنة الثانية من الهجرة
فقالت أمه الربيع رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، قد علمت موقع حارثة في قلبي؛ بيانا لشدة حبها لحارثة، فإن كان في الجنة لم أبك عليه، بل أفرح له وأتسلى بذلك عن موته، فإن لم يكن في الجنة فسوف ترى ما أصنع من البكاء والحزن عليه، فقال لها صلى الله عليه وسلم: «هبلت!»، يعني: فقدت عقلك، وهو استنكار منه صلى الله عليه وسلم لسؤالها، وقال لها موضحا: «أجنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة»، يعني: أنه ليس له جنة واحدة، بل جنان كثيرة، «وإنه لفي الفردوس» وهي أعلى درجات الجنة وأوسطها، كما عند البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة -أراه- فوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة» والأوسط هنا بمعنى: الأفضل
وفي الحديث: تصبير المصاب بفقد عزيز عليه
وفيه: الحث والترغيب في الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمته
وفيه: بيان فضل الجهاد في سبيل الله وعلو منزلة الشهيد عند الله
ثم يبين النبي صلى الله عليه وسلم أجر الجهاد في سبيل الله، فقال: «غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها»، والغدوة: هي السير أول النهار إلى الظهر، والروحة: السير من الظهر إلى آخر النهار، يعني: أن المشي في سبيل الله في الغزو في وقت الصباح أو وقت المساء خير من الدنيا جميعا، «ولقاب قوس أحدكم» والقوس: الآلة التي يرمى بها السهام، والمعنى: قدر طولها أو ما بين الوتر والقوس، والمراد: أن فضل استعماله في سبيل الله تعالى يجازى عليه صاحبه منزلة في الجنة، وتلك المنزلة هي خير من الدنيا وما فيها، وكذلك موضع قدم المجاهد، وفي رواية عند البخاري: «موضع قيد» وهو السوط الذي يساق به الفرس الذي يجاهد به في سبيل الله، يجازى عليه في الجنة بمنزلة وقدر هذا القوس، خير من الدنيا وما فيها؛ وذلك لأن الدنيا فانية، وكل شيء في الجنة -وإن صغر في التمثيل لنا، وليس فيها صغير- هو أدوم وأبقى من الدنيا الفانية المنقطعة، فكان الدائم الباقي خيرا من المنقطع. «ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة» والمراد بهن الحور العين، أظهرت نفسها إلى الأرض؛ لأضاءت ما بين السماء والأرض، ولملأت ما بينهما ريحا طيبة؛ وذلك لكمال خلقهن، «ولنصيفها» يعني الخمار وما تغطي به رأسها، وقيل: النصيف المعجز وهو ما تلويه المرأة على رأسها، وهو كالعصابة تلفه على استدارة رأسها، «خير من الدنيا وما فيها» من متاعها، وهذا إخبار عن أنوار جمالها، وعن طيب ريحها، وعن ظاهر ملبوسها؛ فكيف بجمالها وباطن ملبوسها الذي هو نعيم من نعم الجنة؟!
وفي الحديث: بيان فضل الجهاد في سبيل الله وعلو منزلة الشهيد عند الله، وأنه ذروة سنام الإسلام، ومصدر عز المسلمين، وهو باب عظيم من أبواب الجنة
وفيه: بيان ما في الجنة من عظيم الأجر والنعيم
وفيه: بيان حقارة الدنيا بالنسبة إلى الآخرة