- باب {فلما جاء آل لوط المرسلون. قال إنكم قوم منكرون}
بطاقات دعوية
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل [أرض ثمود] (27): الحجر في غزوة تبوك؛ أمرهم أن لا يشربوا من بئرها، ولا يستقوا منها، فقالوا: قد عجنا منها، واستقينا، فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين، ويهريقوا (28) ذلك الماء، [وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كان تردها الناقة].
لقدْ أمَرَ الإسلامُ بالبُعدِ عن مَكانِ الظَّالِمين بعْدَ هِلاكِهم؛ خَشْيةَ الإصابةِ مِن عَذابِهم، فإذا كانوا أحْياءً كان الأمرُ بالبُعدِ مِنهم أَوْلى
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبْدُ اللهِ بنُ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مرَّ بالحِجْرِ في غَزوةِ تَبوكَ، والحِجْرُ: مَنْطقةٌ تَقَعُ شَمالَ غرْبِ المدينةِ المنوَّرةِ، وتَبعُدُ عنها (347 كم)، واسْمُها المعاصِرُ «مَدائنُ صالحٍ»، وهو المَكانُ الَّذي كان يَعيشُ فيه ثَمودُ قَومُ نَبيِّ اللهِ صالحٍ عليه السَّلامُ، وقدْ نالَهم مِن عَذابِ اللهِ ما نالَهُم لتَكذيبِهم نَبِيَّهم، وعِصيانِ أمْرِ اللهِ، وذَبْحِ النَّاقَةِ الَّتي أرسَلَها لهمُ اللهُ تعالَى مُعجِزَةً لهم. وقد كانتْ غَزوةُ تَبوكَ آخِرَ غَزوةٍ خرَجَ فيها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بنفْسِه، وكانت في رَجَبٍ سنَةِ تِسعٍ مِن الهِجرةِ، وكانت مع الرُّومِ، وتَبوكُ: في أقْصَى شَمالِ الجزيرةِ العربيَّةِ، وتقَعُ في شَمالِ المدينةِ على بُعْدِ (700 كم)
فلمَّا مَرَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابُه بالحِجْرِ، أمَرَ أصحابَه ألَّا يَشْرَبوا مِن آبارِها، وألَّا يَسْقُوا دَوابَّهم، فأخبَرُوه أنَّهم عَجَنوا بمائِها وسَقَوْا دَوابَّهم منها، فأمَرَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بإلْقاءِ ذلك العَجينِ وإراقةِ ما تَبَقَّى مِن الماءِ؛ خَوفًا أنْ يُصيبَهم شَيءٌ مِن الأذَى في أبدانِهِم، أو قَساوةِ القَلبِ مِنَ الشُّربِ مِن ماءِ هؤلاءِ القومِ المعذَّبينَ