باب فى الخضاب
حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح وأحمد بن سعيد الهمدانى قالا حدثنا ابن وهب حدثنا ابن جريج عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله قال أتى بأبى قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « غيروا هذا بشىء واجتنبوا السواد ».
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه ويرشدهم إلى ما فيه الخير، ويعلمهم أمور دينهم، وما ينفعهم في أمور دنياهم ومعاشهم
وفي هذا الحديث يروي جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه جيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي قحافة واسمه عثمان بن عامر وهو والد أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، يوم فتح مكة، وكان في العام الثامن من الهجرة، وذلك أول ما أسلم أبو قحافة رضي الله عنه، وكان شعر رأسه ولحيته «كالثغامة بياضا»، والثغام هو نبت شديد البياض، زهره وثمره يشبه به الشيب، فقال صلى الله عليه وسلم: «غيروا هذا» البياض بشيء من الصبغ كالأحمر والأصفر، وبالحناء وما في معناها، وأمرهم صلى الله عليه وسلم باجتناب اللون الأسود؛ لأن فيه تغريرا وخداعا
قيل: إن الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم بتغيير الشيب، وبالنهي عنه- كلها صحيحة، وليس فيها تعارض، بل الأمر بالتغيير لمن شيبه كشيب أبي قحافة، أي: كثيف واضح، والنهي لمن له بعض الشعرات البيض، واختلاف السلف في فعل الأمرين بحسب اختلاف أحوالهم في ذلك، مع أن الأمر والنهي في ذلك ليس للوجوب بالإجماع؛ ولهذا لم ينكر بعضهم على بعض
وفي الحديث: الأمر بتغيير الشيب بالصبغ واجتناب السواد
وفيه: عناية الشريعة بظاهر المسلم وبتجميل الهيئة